عرفت العقود الأخيرة تطورات وتحولات عالمية متسارعة, شملت كافة المجالات مما أدى إلى تعاظم أهمية البحث العلمي في مختلف الميادين ,ومنها استطلاعات الرأي العام وقياس توجهاته لما يكتسيه من أهمية بالغة في مختلف القضايا والمجالات التي باتت تؤثر بشكل كبير على صياغة التحولات العالمية بمختلف توجهاتها.
أصبح مصطلح الرأي العام من أكثر المصطلحات رواجا بين الباحثين والأكاديميين نظرا للمركزية التي بات يشكلها في صياغة الاتجاهات العامة, والتأثير على تطور القضايا الحاسمة في البلدان والمتعلقة بالتطورات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وهنا تطرح الأسئلة حول موضوع استطلاع الرأي العام:
-مامفهوم استطلاع الرأي؟مادوره وما أهميته؟ماهي طرق قياس الرأي العام؟
1-مفهوم الرأي العام:
يعرف الرأي العام لغويا من مفهومه التفكيكي التركيبي ,فنجد مفهوم الرأي: الذي يعني العقل والتدبر والتأمل,ومفهوم العام والذي يعني جمع العامة خلاف الخاصة.ومنه يشير مفهوم الرأي العام إلى الجماعة وما تعلق برأيها العام بشموليته(18).
أما اصطلاحا:فيعرفه مختار التو هامي بأنه (الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعية في فترة معينة بالنسبة لقضية معينة أو أكثر, يحتدم حولها الجدل والنقاش, وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمها الإنسانية الأساسية مسا مباشرا).
ويعرفه كلوريدج كنج على انه”الحكم الذي تصل إليه الجماعة في مسالة ذات اعتبار هام بعد مناقشات علنية عامة ووافية”(19).
بينما يقصد بقياس الرأي العام الوقوف على اتجاهات الرأي العام إزاء قضية ما يدور حولها الجدل والنقاش ذات صلة بمصالح المواطنين ,ظهرت هذه الدراسات في المجتمعات الغربية ومرت بعدة مراحل وتطورات توصل خلالها المختصين في هذا الميدان الى مناهج وأدوات وأساليب خاصة بها .
وتمثل دراسات قياس الرأي العام نقطة التقاء عدة علوم كعلم النفس, الاجتماع, السياسة, التاريخ, الإحصاء, الرياضيات (20).
وعليه فان استطلاع الرأي هو دراسة علمية يتم إجراؤها بشكل منهجي, وتهدف إلى معرفة آراء المواطنين اتجاه إحدى القضايا الهامة ,أو احد الأحداث المطروحة على الساحة,وتفيد نتائجها كل المهتمين من إعلاميين وباحثين ومسئولين,وتساعدهم في عملية اتخاذ القرارات وصياغة البرامج وتحديد الأهداف ,كما أنها توفر كما ضخما من المعلومات في مختلف المجالات.
2-تطور دراسات استطلاع الرأي العام:
أدرك الإنسان منذ القدم أهمية الرأي العام وتأثيراته على مختلف القضايا, وأكثر مما استخدم في العلاقة بين الحاكم والمحكومين, إذ لجا هؤلاء إلى أساليب عدة من اجل كسب الرأي العام على غرار السحر والشعوذة, ومع تطور الاتصالات والثورة التكنولوجية وزيادة أهمية البحوث العلمية ,فرضت دراسات الرأي العام واستطلاع اتجاهاته نفسها وبقوة وأصبحت ميزة بارزة تعتمد عليها الكثير من الفاعليات في مختلف الميادين.
وتعود أولى المحاولات لقياس الرأي العام إلى عام 1774بالولايات المتحدة الأمريكية من قبل مؤسستي أراز للاستطلاعات, ومؤسسة بن فرانكلين لقياس الرأي العام في المستعمرات الأمريكية الثلاثة عشر, التي شكلت فيما بعد فيدرالية الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة مدى استجابة الجمهور الأمريكي للحرب المقترحة ضد انجلترا,وتوالت المحاولات فيما بعد من قبل المؤسسات الإعلامية والتجارية لقياس الرأي العام(21) .
وفي العام 1935بدات مرحلة جديدة من استطلاعات الرأي العام مع إنشاء معهد جالوب وتطبيقه الأسلوب العلمي عند قياس الرأي العام ,من خلال استخدام العينات الحصصية وقدرته على استطلاع الرأي العام في عديد القضايا والنجاح في التنبؤ بها ,على غرار فوز الرئيس روزفلت في انتخابات 1940و1944(22).
ومع المشاكل والهزات السياسية التي تلت استخدام هذه الأداة في الأحداث التالية واتهام الكونغرس تلك العملية بالانحياز, تدخل الكونغرس وفرض مجموعة من القوانين والتدابير التنظيمية للعملية, مما جعلها تتطور أكثر علمية وبعدا عن هامش الخطأ العلمي(23).
ومع بداية العام 1965 ونجاح معهد جالوب في الكثير من الاستطلاعات ,شاع استخدام هذه الأداة البحثية في نحو 40 دولة كألمانيا, فرنسا ,واليابان لتصل بعدها دول العالم الثالث كمصر واندونيسيا والبرازيل فيما بعد(24).
3-التطورات المنهجية في مجال دراسة استطلاع الرأي العام:
منذ منتصف القرن التاسع عشر كانت الدراسات فيه معيارية فلسفية,ثم انتقلت الى حقل النظرية السياسية مع موجات الديمقراطية وبدا التركيز بداية القرن العشرين على الجوانب النفسية والاجتماعية أكثر من السياسية والفلسفية ,وحملت العقود الأخيرة عودة قوية في التركيز على الأبعاد الفلسفية والسياسية لدراسات الرأي العام, من خلال مواضيع السلطة والمشاركة السياسية والانتخابات…..خاصة مع إسهامات الباحثين والدارسين من علماء النفس والاجتماع, وتقديمهم ميكانيزمات منهجية وموضوعية فعالة ,للغوص في عمق الظاهرة المستطلعة وتفكيك خلفياتها(25)
4-أهمية استطلاعات الرأي ودورها:
تختلف أهمية استطلاعات الرأي من منطقة إلى أخرى, ومن دولة إلى أخرى حسب مستوى التطور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي, والمستوى العلمي والتكنولوجي في كل بلد.
تلعب استطلاعات الرأي دورا مهما في توضيح ميولات واتجاهات المجتمع, والتي على أساسها يضع صانعي القرار سياساتهم ,للاستجابة لهذه الميولات والتوجهات وأخذها بعين الاعتبار.
يعتبر همزة وصل بين صناع القرار والجمهور الذي يجري فيه استطلاع الرأي, من حيث تبادل الآراء حول مختلف القضايا التي يجري بخصوصها استطلاع الرأي.
أداة مهمة للتعرف على مختلف القيم السائدة في المجتمعات, وتطور تلك القيم ومستقبلها.
تمكن استطلاعات الرأي من تحديد السيناريوهات البديلة للتعامل مع مختلف القضايا والأزمات وتعديل السلوك بخصوصها, من خلال الوصول إلى أولويات المجتمع وتفضيلا ته.
كما تعد هذه الأداة البحثية مؤشرا مهما لقياس مدى نجاح مختلف السياسات بخصوص صانعي القرار, ومدى فعالية منتوج معين أو برنامج معين أو شعبية حزب أو شخصية ما(26) .
من أهم الأدوات التي تساهم في توثيق العلاقة بين وسائل الإعلام والجمهور وبين صانعي القرار والفئات الشعبية ,وبين مختلف المؤسسات ومتعا مليها المستهدفين.
تمكن استطلاعات الرأي من معرفة احتياجات ورغبات المجتمع, ومن ثمة يمكن وضع الأسس والمبادئ التي يجب الالتزام بها في التعامل مع قضايا الصالح العام.
إن معرفة اتجاهات الرأي العام تمكن من حصر الأهداف والمقاصد والغايات, التي يجب إن تنشدها البرامج والخطط الموجهة إلى تلك الشرائح, ومنه يمكن الحصول على المؤشرات اللازمة لمعرفة مدى النجاح في تحقيق أهداف تلك البرامج والخطط.
أصبح استطلاع الرأي احد أهم المؤشرات التي تمكن من تحديد درجة تطور المجتمعات
يستخدم صانعوا القرار في مختلف الدول هذه الأداة لزيادة شعبيتهم لدى الرأي العام كما يستخدمونها للدعاية الانتخابية لبرامجهم(27).
5-الموقف من قياس الرأي العام:
بالنظر إلى الانتشار الواسع الذي عرفته هذه الآلية البحثية والاهتمام الذي لقيته من قبل الباحثين وصناع القرار بتزايد الاعتماد عليها, ظهرت العديد من المواقف التقييمية والنقدية لهذه الأداة .
حيث ساد الاعتقاد لدى الكثير من الباحثين أن استطلاعات الرأي تجري بشكل ناجح في الدول المتقدمة أكثر من الدول النامية, نظرا لعديد المعطيات ومنها درجة الوعي وثقافة المجتمع ,وتوفر الإمكانيات والقدرات المادية, وتطور وسائل وأدوات الاستطلاع فضلا عن النظام الديمقراطي الذي يتيح الفرصة لحرية الرأي والتعبير دون أية ضغوط, مما يؤهل هذه الاستطلاعات لتتمتع بكثير من الجدية والمصداقية عكسها نظيرتها في بلدان العالم الثالث.
بينما يرى اتجاه آخر أن هناك مجموعة من المعايير والأدوات المنهجية والخطوات العلمية متى تم احترامها, كان النجاح نصيب هذه الاستطلاعات بغض النظر عن المكان الذي تجري فيه ,ويمكن التمييز بين ثلاثة اتجاهات في المواقف بخصوص أهمية استطلاعات الرأي والاعتماد عليها.
الاتجاه الأول:يعظم هذا الاتجاه ويبالغ في التأكيد على أهميتها ودورها في القضايا المهمة خصوصا التطور الديمقراطي, ويطالب بضرورة أبعاد تدخل السلطة في سيرها ورفع جميع القيود عن إجراءها.
الاتجاه الثاني:ويمثله الساسة المشتغلين بالمناصب التشريعية والإدارية والصحفيين حيث ينصبون العداء للاستطلاعات ولا يرون مبررا لإجرائها ويقللون من شانها وأهميتها
الاتجاه الثالث:وهو اتجاه وسيط يحاول التوفيق بين الاثنين, من خلال تأكيده على أهمية ودور استطلاعات الرأي, ولكن أيضا مع تأكيده على دورها السلبي ومن ثمة يقترحون وضع ميثاقيات أخلاقية لإجراء هذه العملية ومراقبتها لتجنب التلاعب بنتائجها وتوجيهها وتفسيرها على نحو يضر بالواقع الفعلي للقضية محل الاستطلاع(28).
6-أدوات استطلاع الرأي العام:
هناك العديد من القضايا والظواهر المحيطة بالمجتمع والتي تحتاج إلى استطلاع الرأي العام سواء باستخدام الأسلوب الكمي أو الكيفي أو الاثنان معا ومن الأدوات المستخدمة في العملية (29):
-استطلاع الرأي بالهاتف:يتميز هذا الأسلوب بالسرعة والآنية في الوصول إلى المعلومة, وقلة الوقت والمباشر والفورية في استطلاع الرأي, لكنه يبقى محدود ولا يؤمن تغطية شاملة للاستطلاع(30).
-استطلاع الرأي بالنماذج المكتوبة:والتي تسلم باليد, أو البريد أو الفاكس, والتي تعطي كامل الوقت للمستطلعين وحرية كبيرة في إبداء الرأي, لكنها تتماشى مع عينة المتعلمين فقط(31).
-استطلاع الرأي الالكتروني وعبر الانترنت:هذا الأسلوب من مزاياه انه يصل إلى شرائح واسعة من المستطلعين في أي بقعة من العالم, بسرعة كبيرة في أي وقت ,وبأقل تكلفة ويمكن إعادة الاستطلاع بشكل دوري(32).
-استطلاع الرأي المباشر :وهو الأسلوب الذي يتيح تغطية النقائص والسلبيات في الأساليب الأخرى, بحيث يمكن استطلاع رأي المرضى والمسنين والأميين بشكل مباشر واخذ رأي البعض في القضايا الحساسة التي يصعب اخذ الآراء بخصوصها بالأساليب الأخرى(33).
ويمكن لهذه الأساليب أن تشكل وحدة متكاملة, تساهم في تامين استطلاع آراء ناجحة ومثمرة.
طرق قياس الرأي العام :
يجمع الباحثين على أن هناك ثلاثة طرق لقياس الرأي العام وهي:
ا-طريقة الاستقصاء(الاستبيان-الاستطلاع المباشر):وهي أكثر الطرق انتشارا واستخداما في العديد من العلوم, حيث يتم بموجبها توجيه أسئلة مكتوبة إلى الجمهور المستهدف, ومن ثمة تفريغ الإجابات وقراءتها, وتتم هذه الطريقة عبر مجموعة من الخطوات:
-تحديد أهداف الاستبيان ووضع خطة عامة:من خلال وضع تصور عام حول القضية المراد قياس الرأي العام حولها.
-تصميم استمارة الاستبيان:يراعى فيها الدقة في اختيار الأسئلة ,وطريقة وضعها ومراعاة كل ظروف الجمهور المستهدف بعناية(24).
-اختيار العينة:من المستحيل مسح كل الحالات والمفردات ومن ثمة فان الدراسة الميدانية تعتمد على عينة من مجتمع الدراسة, لقياس رأيه حول قضية معينة, وهناك العديد من أنواع العينات:
-العينة العشوائية البسيطة
-العينة الطبقية العشوائية
-العينة الثابتة
-العينة الحصصية.
إدارة البحث:من خلال إعداد مجتمع البحث وتدريب الباحث الميداني, وتهيئته وتوفير الإمكانيات والوسائل الضرورية للعملية.
تجهيز البيانات:بعد الانتهاء من جمع الإجابات والمعلومات وتحصيل البيانات يتم تفريغها ووضعها في صورة مقروءة ومفهومة, من خلال الطرق التقليدية بواسطة الدوائر النسبية والتمثيلية ومن خلال الجداول والمنحنيات البيانية, أو من خلال الطريقة الحديثة بواسطة الكومبيوتر.
عرض البيانات:والغرض منه هو إبراز ملامحها الأساسية بدقة ووضوح, حتى يمكن استخدامها بطريقة تتميز بالكفاءة والفاعلية.
التحليل والتفسير وكتابة التقرير النهائي:وهي الخطوة الأخيرة التي يمكن من خلالها إقامة بناء متسق بخصوص الاستطلاع, تحتل فيه الأرقام والحقائق أماكنها المناسبة(35).
ب- طريقة المسح(الملاحظة والمقابلة):
تتضمن طريقة المسح طريقتين داخلها وهما الملاحظة والمقابلة
فالملاحظة تهتم بتسجيل الإشارات والانفعالات وردود الفعل لدى المبحوث والاهتمام برأي المبحوث أكثر من المبحوث نفسه, وفي أي مكان يتواجد فيه.
وأولى جماعات قياس الرأي العام بالملاحظة تأسست في بريطانيا العام 1937وعرفت بجماعة الملاحظين الجماعية من قبل توم هاريسون وتسارل مارج.
ومن ابرز سمات هذه الطريقة وافضلياتها, أنها تمكن من الوصول إلى إجابات يقاوم الأفراد في تقديمها بطرق أخرى, ومن ثمة فان نتائج هذه الطريقة وفاعليتها مقترن بحنكة وقدرة الملاحظ على الملاحظة العلمية وليس الملاحظة العادية, إذ يتطلب منه الأمر قدرة على الوصف والتحليل والتفسير والتنبؤ.
أما المقابلة فتقوم على علاقة شفوية بين الباحث الميداني والحالة موضوع الدراسة ,وقوام هذه الطريقة هو التفاعل بين الباحث الميداني والمبحوث الذي يمكنه أن يستخدم أيضا طريقة الملاحظة ليرصد مختلف الإشارات والانفعالات, وردود الفعل الصادرة عن المبحوث عن كثب ودقة متناهية, يمكن توجيهها والتحكم فيها .
وإذا كان المبحوث في هذه الطريقة يمكنه استيضاح أي غموض في الأسئلة فان الباحث يمكنه من خلال هذه الطريقة معرفة مدى جدية المبحوث في إجاباته وصدقه بخصوص المعلومات المقدمة(36).
ج-تحليل المضمون:
هو أسلوب أو طريقة بحثية لوصف المحتوى الظاهر أو الواضح للرسالة الإعلامية وصفا كميا وموضوعيا منظما ,حيث يمكن للباحث القيام بجمع البيانات عن الرأي العام عن طريق تحليل السلوك اللفظي المتوفر في شكل رسائل اتصالية للأفراد باستخدام تحليل المضمون.
خطوات تحليل المضمون:
هناك عدد من الخطوات الأساسية اللازمة لتحليل المضمون وهي كالآتي:
-تحديد المشكلة البحثية أو المسالة أو القضية محل المتابعة والتحليل.
-صياغة الفروض من خلال تحديد العلاقة بين متغيرات المسالة محل المتابعة.
-تحديد مجتمع البحث أي تحديد المادة أو المواد الإعلامية محل الدراسة كالمقالات الصحفية المنشورة.
-اختيار العينة والتي يجب أن تكون ممثلة لمجتمع الدراسة تمثيلا صحيحا.
-الثبات :ويعني أن أي باحث تتوفر له نفس الظروف والمعطيات, يتوجب عليه أن يصل إلى نفس النتائج التي وصل إليها في السابق.
وحدات تحليل المضمون:
يرى الباحثون أن هناك خمسة وحدات رئيسية في تحليل المضمون وهي:
1-وحدة الشخصية:وهو الشخص الذي تدور حوله الفكرة.
2-وحدة المفردة أو الوحدة الطبيعية للمادة الإعلامية التي يقوم الباحث بتحليلها كالمقال أو القصة, الإعلان,…….الخ.
3-وحدة الكلمة:تعبر عن مفهوم أو مدلول يختلف معناها باختلاف السياق الذي توجد فيه.
4-وحدة الموضوع أو الفكرة:وهي أهم وحدة بالنسبة لتحليل المضمون لما تتضمنه من اتجاهات وقيم ومعتقدات.
5-مقاييس المساحة والزمن:وهي المقاييس المادية التي يستخدمها الباحث من اجل التعرف على المساحة التي تشغلها المادة الإعلامية المنشورة(37).
لقد شاع أسلوب تحليل المضمون في كثير من الدراسات والبحوث في كل دول العالم, نظرا لسهولة استخدامه النسبية ,وتجنيبه الباحث الميداني إرهاق الوقت والمخاطر والإمكانيات المادية إلا أن هذا لايعني خلوه من السلبيات التي تشوبه ,خصوصا وان المادة المدروسة قد لا تكون بالضرورة فعلية, فحتى تلك الرسائل تتعرض للانتقاء والتحرير والتعديل , وقد تكون تلك الرسائل تعبر عن مصالح فئوية غالبة لا تمثل مجمل مجتمع الدراسة.
7-عوائق سير استطلاعات الرأي العام:
-انعدام ثقافة استطلاعات الرأي في بعض المناطق خصوصا في الدول النامية والمناطق الريفية منها.
-صعوبة الحصول على المعلومات بسبب الحصار المضروب على القضايا الحساسة, وانعدام حرية الرأي والتعبير في دول العالم الثالث.
-قلة مراكز الاستطلاع والنقص الفادح في الكوادر المدربة والمتخصصة ,وقلة خبرتها ونقص الكفاءة لديها.
-عدم تجاوب الجمهور مع القضايا المطروحة, خصوصا إذا كانت الأسئلة شخصية أو تتعلق بالأمور الأمنية والسياسية الحساسة, حيث ينفر الجمهور من الإجابة على الأسئلة(28).
خاتمة:
في ظل التطورات التي يشهدها العالم ,والتحولات السريعة التي طرأت على بنية المجتمعات وثقافاتها , ازدادت الحاجة إلى المزيد من البحوث والدراسات ,وبدورها احتاجت هذه الدراسات إلى طرق وأساليب وأدوات عميقة ودقيقة لتفسير ومتابعة كل صغيرة وكبيرة ,وتتبع آثار تطورها واقتفاء أثريات تكونها وتبلورها,وفي هذا الإطار تعتبر التغطية الإخبارية واستطلاعات الرأي من ابرز المواضيع التي باتت تفرض وجودها على الباحثين والدارسين وصانعي القرار, لفهم مايجري من أحداث وتطورات وعدم الاكتفاء بمتابعة تحليل وتفسير القضايا والظواهر, بل الانتقال إلى مراحل استباقية من خلال الاهتمام بتوجهات الرأي العام ومحاولة استطلاع رأيه وتوجهاته حتى يتسنى فهم طبيعة القيم السائدة ,وتوجهاتها وأولويات الاهتمام.
وكل هذا من اجل صياغة عقلانية وواقعية للمقاصد والأهداف, المتعلقة بالخطوط العريضة للسياسات والبرامج ومختلف الاستراتيجيات, في ظل وضع عالمي يتسم بالكثير من التعقيد والغموض ,يتطلب الاقتراب أكثر من الظواهر لفهم جوهر تبلوره,ا ولكن أيضا تسارع وتيرة التطورات وفجائيتها في أحيان كثيرة يتطلب العمل قدر المستطاع على استشراف التوجهات واستطلاع آراء الاتجاه العام المكون لهذه الاتجاهات.
قائمة المراجع والهوامش:
1-هشام بشير,دراسة نظرية في طبيعة وطرق استطلاعات الرأي العام,مصر:مركز دراسات الدول النامية,ب ت ن,ص ص 5-6.
2-كامل خورشيد مراد,مدخل إلى الرأي العام,عمان:دار المسيرة للنشر والطباعة والتوزيع,ط3, 2013,ص ص 54-55.
3-المرجع نفسه,ص213.
4-عاطف عدلي العبد,الرأي العام وطرق قياسه,القاهرة:دار الفكر العربي ,2006,ص15.
5-كامل خورشيد مراد,مرجع سابق,ص ص 41-42.
6-عاطف عدلي العبد,مرجع سابق,ص35.
7-سناء محمد الجبور,الإعلام والرأي العام العربي والعالمي,عمان:دار أسامة للنشر والتوزيع,2010,ص ص 189-191.
8-المرجع نفسه,ص55.
9-إبراهيم ماجد الرميحي,تجربة مركز البحرين للدراسات والبحوث في استطلاعات الرأي,القاهرة:ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي “استطلاعات الرأي العام واتخاذ القرار بين النظرية والتطبيق “فيفري 2007, ص ص 2-5.
10-عاطف عدلي العبد,مرجع سابق الذكر,ص107.
11-هشام شبري,مرجع سابق الذكر,ص 3.
12-عاطف عدلي العبد,مرجع سابق الذكر,ص ص 22-24.
13-إبراهيم ماجد الرميحي,مرجع سابق الذكر,ص18.
14-المرجع نفسه,ص19.
15-المرجع نفسه,ص20.
16-المرجع نفسه,ص ص 22-23.
17-هشام بشير,مرجع سابق الذكر,ص ص 25-27.
18-سناء محمد الجبور,مرجع سابق ,ص ص 196-197.
19-المرجع نفسه,ص ص 201-204.
20-عاطف عدلي العبد,مرجع سابق الذكر,ص ص 73-75.
21-إبراهيم ماجد الرميحي,مرجع سابق الذكر,ص ص 27-29.
الكاتب: ابراهيم قلواز
تاريخ النشر: 31 أكتوبر 2014