مارس 19, 2025

الأستاذ/ عبدالشكور قويري سهل: كيف تاثر الاطفال والطلاب بسبب الحرب في السودان؟

لقد أثار عام واحد من الحرب في السودان واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم التي دفعت الملايين إلى حافة المجاعة، حيث جعلت نحو 27 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، بينهم حوالي 14 مليون طفل. وتحول عشرات آلاف الطلاب والأساتذة في جامعات السودان إلى مهجرين في بلادهم.

ومع بداية الحرب في الخرطوم توقف العملية التعليمية بشكل كامل في أنحاء البلاد والعام الدراسي بعد أن شارف على نهايته وهو ثاني إغلاق من نوعه في تاريخ العملية التعليمية السودانية، إذ علقت حكومة السودان الدراسة لمدة 6 أشهر إبان حرب يونيو/حزيران 1967 بين الجيوش العربية وإسرائيل، بسبب مخاوف من تمدد العدوان الإسرائيلي إلى أراضي السودان بحسب صحيفة الراكوبة.

وبدأت موجات النزوح من الوسط إلى الأطراف حتى وصل عدد النازحين إلى نحو 9 ملايين شخص، مما عطل استئناف العام الدراسي في الولايات الآمنة بسبب تكدس المتضررين من الحرب في المرافق العامة ومن ضمنها المدارس التي تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين وجعل هذا الرقم السودان يصبح صاحب أكبر عدد من النازحين على مستوى العالم.
ولم يسلم أي ما من شأنه أن يسمى تجهيزات تتعلق بالتعليم العالي من قاعات ومكاتب وغرف أساتذة ومكتبات ومعامل ومختبرات وورش تدريب ومطابع وملاعب ومسارح.

وكان عدد الطلاب السودانيين بالجامعات والمعاهد العليا نحو 714 ألف طالب وطالبة- تقريبًا حسب تقديرات غير رسمية- فيما قدرت اعداد الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة نحو 136 جامعة بولايات السودان المختلفة، اغلقت جميعها وتعرضت نسبة كبيرة منها الى التدمير الكامل.
واجه ملايين الطلاب والتلاميذ في السودان مصيرا غامضا مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وامتدادها لنحو 9 ولايات من أصل 18، حيث تعطلت العملية التعليمة كليا في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحولت مئات المدارس في المناطق الآمنة لمعسكرات تأوي الفارين من القتال واضطر بعضهم إلى ممارسة أعمال هامشية لمساعدة أسرهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نجمت عن الحرب.

كما تعرضت جامعات عدة إلى السرقة وإتلاف الممتلكات وايضا واجه آلاف الطلاب الجامعيين يبلغ بالجامعات والمعاهد العليا نحو 714 ألف طالب وطالبة- تقريبًا حسب تقديرات غير رسمية- مشكلات في نقل أوراقهم إلى جامعات في بلدان مجاورة بسبب تعرض مكاتب وزارة التعليم العالي ومقارها وعدد كبير من جامعات السودان للسرقة وإتلاف الأوراق والممتلكات بدءاً بجامعة الخرطوم وأم درمان الأهلية، بالإضافة إلى جامعتي السودان للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة الأحفاد للبنات. ووصل التدمير إلى جامعات دارفور وباقي الولايات وهكذا كان التعليم العالي هو الضحية المباشرة للحرب في البلاد.

وشملت الأضرار والحرائق مباني الوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومكاتبها وطوابقها والصندوق القومي لرعاية الطلاب، وباتت المباني والتجهيزات والمستلزمات أكياسَ رمل مستهدفة بالقذائف. وأكدت وزارة في بيان أن عمليات التخريب طاولت كل المؤسسات العامة والخاصة بولاية الخرطوم وفي العديد من الولايات الأخرى التي شهدت اقتتالاً بين الجيش والدعم السريع. وايضا تلاشي الأمل لدى نحو 19 مليون طالب في المدارس والجامعات السودانية وسط إحباط ومخاوف كبيرة حيال مستقبل أولئك الطلاب الذين كان بعضهم على وشك التخرج.

ومع استمرار القتال واتساع رقعته في السودان وتعليق الدراسة انقلبت حياة الشباب رأسا على عقب، وهم غير متأكدين تماما من المستقبل لقد دمرت الطبقة الوسطى الحضرية في السودان الآن تقريبا فقد المهندسون المعماريون والأطباء والمعلمون والممرضات والمهندسون والطلاب كل شيء وخسرت البلاد المستلزمات اللوجستية اللازمة الموارد البشرية الضرورية لاستعادة الحياة الأكاديمية إلى مجراها الطبيعي.ويحذر المحللون بكارثة بالغة التعقيد ستواجه جيلًا كاملًا في أنحاء البلاد.

رغم الصدمة التي تمثلها هذه الحرب التي دمرت البلاد فإن الصدمة الكبرى تأتي عبر إفادة من منظمة “أطباء بلا حدود” إنها وجدت في يناير، ان يعاني ثلاثة ملايين طفل من سوء التغذية فيما توقف 19 مليوناً عن ارتياد المدرسة وكما تعرضت مصانع لقاحات الأطفال حديثي الولادة للنهب فيما تنتشر الكوليرا والحصبة والملاريا في كل أنحاء السودان مما يهدد مستقبل السودان حيث تقل أعمار 42 في المائة من السكان عن 14 عاماً.
واضافت أن طفلا واحدا على الأقل في المخيم يموت كل ساعتين. مع القليل من الطعام والمياه النظيفة أو الرعاية الصحية، فإن الأمراض التي كان من الممكن علاجها في السابق تقتل الآن.

ويعتبر ان استمرار القتال يؤدي إلى ظهور أمراء حرب وتقسيم البلاد إلى “كنتونات”، ويساعد ذلك حالة السيولة الأمنية، وخروج ولايات ومناطق واسعة من سلطة الدولة، ومجاورة السودان دولا هشة مثل أفريقيا الوسطى وليبيا وتشاد وجنوب السودان، مما يساهم في انتشار السلاح وانتقال المقاتلين عبر الحدود المفتوحة مع هذه الدول.

وكشف المحللون ان هذا الصراع يمثل انعكاسا مباشراً لتدخلات خارجية اقليمية ودولية معنية بصياغة مستقبل السودان وفقاً لأولويات جيوسياسية واقتصادية وأيديولوجية وان هناك ادوار سلبية مؤثرة ومعلنة لدول عربية بعينها وهناك انخراط سياسي واستخباراتي اسرائيلي كذلك.

وهذا التحذيرات جاءت علي لسان المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو في مقابلة أجرتها معه مجلة فورين بوليسي الأميركية عن اعتقاده بأن “السيناريو الأسوأ أن يصبح السودان نسخة جامحة من الصومال لمدة 20 أو 25 عاما” في إشارة إلى حرب أهلية مدمرة اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.

وايضا تأتي التطورات الميدانية الأخيرة على وقع تحذيرات من إمكانية تحول الحرب في السودان إلى صراع إقليمي شامل وهذا ما يعزوها الخبراء جزئيًا إلى أخطاء سياسة إدارة بايدن تجاه إفريقيا.

ولا شك أن عواقب انهيار السودان وتحوله إلى دولة فاشلة ستكون بعيدة المدى، فقد كان للصراع في ليبيا المجاورة -التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 6 ملايين نسمة والذي لا يقارن مع عددهم في السودان البالغ نحو 50 مليونا- تداعيات واسعة على تدفق المقاتلين المتطرفين والأسلحة إلى أجزاء أخرى من القارة، بما في ذلك منطقة الساحل، وتأثيرات كبيرة على تدفق اللاجئين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا.

 

Written by admin
×