مايو 20, 2025

الأستاذ/ عبد الشكور قوريري سهل: ما مصير قوات الدعم السريع بعد استعادة الجيش السوداني القصر الجمهوري والمقار الاستراتيجية في الخرطوم؟

شهدت الحرب في السودان تطورات كبيرة بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري والمقار الاستراتيجية في الخرطوم، مما مثّل تحولًا جوهريًا في مسار الصراع. كانت هذه المواقع رمزًا لهيمنة قوات الدعم السريع، التي خاضت مواجهة مفتوحة مع الجيش منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023. ولكن مع خسارتها لهذه المواقع الاستراتيجية، يثور التساؤل حول مستقبل هذه القوات، وإلى أين ستتجه في المرحلة المقبلة؟

هل انتهت مليشيا الدعم السريع عسكريًا؟

رغم الضربات القاسية التي تلقتها، لا يمكن الجزم بانتهاء قوات الدعم السريع بالكامل. يُظهر تاريخ الحروب في السودان أن الجماعات المسلحة تمتلك القدرة على إعادة تنظيم صفوفها، خاصة في ظل الدعم الإقليمي الواضح وتغلغلها العميق في بعض المناطق الريفية.

ومع ذلك، فإن فقدان السيطرة على الخرطوم يعد ضربة قاصمة، حيث كانت العاصمة مركز عملياتهم وقاعدة نفوذهم السياسي والعسكري. وقد تؤدي هذه الخسارة إلى إضعاف قدرتهم على شن هجمات واسعة النطاق، مما يفتح الباب أمام احتمالات أخرى تتعلق بمصيرهم.

خيارات قوات الدعم السريع بعد الهزيمة

مع سيطرة الجيش على المواقع الاستراتيجية، تجد قوات الدعم السريع نفسها أمام خيارات صعبة، من بينها:

الانسحاب إلى معاقلها التقليدية في دارفور والمناطق الحدودية، حيث تتمتع بنفوذ قوي وقاعدة اجتماعية بين بعض القبائل، ما قد يساعدها في إعادة تنظيم صفوفها.

اتباع تكتيكات حرب العصابات، من خلال شن عمليات خاطفة تستهدف مواقع الجيش بهدف زعزعة الاستقرار واستنزاف القوات النظامية.

البحث عن تسوية سياسية، وذلك عبر الدخول في مفاوضات سرية مع الحكومة السودانية أو أطراف إقليمية، في محاولة لحماية قادتها من الملاحقة والمحاسبة.

التفكك والانشقاقات، حيث قد تؤدي الضغوط العسكرية المتزايدة إلى انهيار التنظيم الداخلي، مما قد يسرّع من تفكك المليشيا أو يدفع بعض عناصرها إلى الانضمام لجماعات أخرى.

في ظل هذه التحديات، يظل مستقبل قوات الدعم السريع مرهونًا بالتطورات السياسية والعسكرية القادمة، ومدى قدرتها على التكيف مع الواقع الجديد بعد فقدان الخرطوم.

 

الدور الإقليمي والدولي في مستقبل الدعم السريع

من المرجح أن يلعب الموقف الإقليمي والدولي دورًا حاسمًا في تحديد مصير قوات الدعم السريع. فالدول التي كانت تقدم الدعم لهذه القوات قد تسعى إلى تأمين مخرج لقادتها، أو ربما إعادة تدويرهم في أدوار جديدة داخل الصراعات الإقليمية.

وفي المقابل، فإن العقوبات الدولية المفروضة على بعض قادة الدعم السريع قد تزيد من عزلة المليشيا، مما يحد من قدرتها على إعادة التموضع أو الحصول على إمدادات جديدة.

 

السودان بعد الحسم العسكري: هل يعود الاستقرار؟

بعد أن أعادت قيادة الجيش تموضعها داخليًا وخارجيًا، برزت ظاهرة “كتائب المستنفرين”، التي تشكّلت شعبيًا كرد فعل على انتهاكات قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، والتي تضمنت نهب ممتلكات السكان وقتل العديد منهم. وقد لعب الإسلاميون دورًا محوريًا في تشكيل هذه الكتائب، مستفيدين من خبرتهم السابقة في قوات الدفاع الشعبي، ومن نفوذهم في هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات العامة، التي تم حلّها سابقًا بقرار من عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة. وكان البرهان قد أمر بتسليم معسكرات وأسلحة هيئة العمليات لقوات الدعم السريع قبل اندلاع الخلاف مع قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي).

لكن رغم هذه التطورات، يبقى السؤال المطروح: هل يعني هذا الحسم العسكري نهاية الفوضى وبداية عهد جديد من الاستقرار؟

الواقع أن الحرب مع الدعم السريع لم تكن سوى جزء من أزمة أعمق تتعلق بإعادة بناء الدولة السودانية، وإيجاد نظام سياسي يستوعب التعددية ويمنع تكرار سيناريوهات الحروب الأهلية.

وفي الختام، هزيمة قوات الدعم السريع في الخرطوم تمثل محطة مفصلية في الحرب السودانية، لكنها لا تعني بالضرورة نهاية التهديد العسكري بالكامل. لا يزال مصير هذه القوات معلقًا بين احتمالات التفكك، إعادة التموضع، أو الدخول في تسويات سياسية قد تعيد تشكيل المشهد السوداني من جديد.

الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان السودان قد تجاوز مرحلة الصراع المسلح، أم أنه لا يزال أمام منعطفات جديدة في مسيرة البحث عن الاستقرار.

عبد الشكور قوريري سهل

كاتب صومالي

Written by admin
×