إنهم مليشيات أو عصابات بلطجية مسلحون بالبنادق وفي نفس الوقت يقومون باختطاف السفن في البحر للحصول على فدية بمئات الدولارات, القرصنة موجودة منذ مئات السنين وهي معروفة في العديد من البلدان حول العالم. توقفت القرصنة العالمية في الدول الغربية منذ مئات السنين، وهي مستمرة في قارات أمريكا الجنوبية وآسيا وغرب أفريقيا.
في هذا القرن، نشأت القرصنة في شرق أفريقيا ولم تكن معروفة من قبل بينما كانت القرصنة موجودة دائمًا في جنوب آسيا وأمريكا الوسطى، واليوم توجد القرصنة في المياه حول العالم.
بدأ اعمال القرصنة في الصومال بداية القرن الجاري، بعد ظهور انباء عن وجود زوارق الصيد الكبيرة التي كانت تمارس صيد الأسماك غير القانوني ورمي النفايات غير الشرعي في المياه الصومالية .
وشكلت القرصنة قبالة سواحل الصومال تهديدًا للشحن الدولي منذ بداية الحرب الأهلية الصومالية في أوائل التسعينيات منذ عام 2005 وتنفذ هذه الأعمال جماعات صومالية مسلحة بهدف الحصول على أموال مستغلة غياب السلطة المركزية في البلاد. وتشمل الممرات المائية قبالة الصومال بعضًا من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم.
وفي كل عام، يمر ما يقدر بنحو 20 ألف سفينة، تحمل كل شيء من الأثاث والملابس إلى الحبوب والوقود، عبر خليج عدن في طريقها من وإلى البحر الأحمر وقناة السويس، وهو أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا.
ولدى الصومال سواحل طويلة ممتدة تعرضت لنهب السفن الدولية بشكل مستمر، دون احترام لحقوق البلاد في ثروتها السمكية.
كما ادت ايضا دفن مخلفات البقايا النووية في السواحل الصومالية من قبل الشركات العالمية العابرة القارات الي طهور القرصنة , وقد شهدت في الآونة الاخيرة الاجسام الغريبة في بعض شواطئ الصومالية, وانتشرت ايضا الامراض خطيرة في البلاد التي لم تكن معهودة من قبل , ولايزال القاء النفايات و الصيد المحرم مستمرا حتي في هذه لحطة .
وأعربت العديد من المنظمات الدولية عن قلقها إزاء تزايد أعمال القرصنة مما أدى إلى ردود افعال قوية من المجتمع الدولي. أعاقت القرصنة تسليم الشحنات وزادت من تكاليف الشحن مما كلف التجارة العالمية ما يقدر بنحو 6.6 إلى 6.9 مليار دولار سنويًا وفقًا لمنظمة Oceans Beyond Piracy (OBP). نشأت أيضًا صناعة حقيقية من المنتفعين حول القرصنة ,حيث زادت شركات التأمين أرباحها بشكل كبير من هجمات القراصنة وقامت شركات التأمين برفع أسعار الأقساط ردًا على ذلك وفقًا للمعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW).
وقد رصدت تقارير لجهات معنية بمراقبة الظاهرة ان في عام 2010 وحده قُدرت التكلفة الإجمالية لأموال الفدية والحماية العسكرية والتأمين على البضائع نتيجة للقرصنة بما يتراوح بين 7 و12 مليار دولار, ولا يشمل هذا الرقم الخسارة الجماعية لعائدات التجارة من البلدان المجاورة مثل مصر وكينيا واليمن ونيجيريا، والتي تقدر بما لا يقل عن 1.25 مليار دولار سنويا.
شن قراصنة صوماليون 212 هجوماً في سنة 2011، بينما قدرت منظمة (محيطات بلا قرصنة) أنه في العام نفسه كلفت أنشطة القرصنة الاقتصاد العالمي حوالي سبعة مليارات دولار، بما في ذلك مئات الملايين من الدولارات من أموال الفدية. ولكن لم تُسجل سوى خمس هجمات بين عامي 2017 و2020.
ولكن على الرغم من محاولات التدخل العسكري من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، فإن القرصنة في الصومال مستمرة في النمو. ونظرًا لعدم وجود حكومة مركزية قوية في البلاد، لا تقف أي سلطة داخلية في طريقها. والواقع أن القرصنة على طول الساحل الصومالي الكبير اكتسبت الدعم من السلطات المحلية، وأبرزها حركة الشباب، وهي جماعة إسلامية التي تواصل شن حرب مع الحكومة الفيدرالية الانتقالية المعترف بها دولياً للسيطرة على الصومال.
ووفقا لإحصاءات أصدرها البنك الدولي في بيان وزعه بالعاصمة الصومالية مقديشو يوم 11 أبريل/نيسان 2013، فقد اختُطِفت في سواحل الصومال -منذ ظهور القرصنة فيها بشكل لافت عام 2005- 149 سفينة، واحتُجـِز 3741 شخصا من طواقم هذه السفن من 125 بلدا، وقضى بعضهم فترة احتجاز استمرت ثلاث سنوات، بينما قـُتل ما بين 82 و97 بحارا نتيجة هجمات القراصنة الصوماليين.
والمثير في الأمر ان أرباح القرصنة التي قُدرت بأكثر من 300 مليون دولار في عام 2014 استفادت الموانئ والبلدات الواقعة على طول خليج عدن بشكل كبير من نشاط القراصنة، مما جعلها جزءا هاما من الاقتصاد غير الرسمي في الصومال.
وكانت حارادييري مدينة ساحلية استراتيجة تقع على الساحل الشرقي في البلاد ابرز قواعد القراصنة الذين يهاجمون السفن التي تعبر المحيط الهندي قبالة السواحل الصومالية.
ويقول خبراء اقتصاديين صوماليين، يمثل القراصنة قوة اقتصادية نظرا لدخلهم السنوي الذي يقدّر بنحو 100 مليون دولار.
مستقبل القرصنة
في حين أن التهديد ليس خطيرا كما كان في الفترة 2008-2014 وأن المستوى الحالي للنشاط ليس بالخطورة التي كان عليها في الماضي بشكل كبير.
ومنذ نوفمبر الماضي، كانت السفن التجارية هدفا لحوالي 20٪ من الحوادث المتعلقة بالقرصنة الصومالية، وفقا لدان مولر، كبير المحللين لمنطقة الشرق الأوسط في شركة الأمن البحري أمبري. في 14 ديسمبر، أبلغت الغرفة الدولية للشحن عن اختطاف ناقلة بائبة Handymax ، وهي أول عملية اختطاف ناجحة لسفينة قبالة سواحل الصومال منذ عام 2017. كما يهاجم القراصنة سفن الصيد، ومعظمها إيرانية، فضلا عن العديد من القوارب الصغيرة الأخرى مثل القوارب الشراعية.
ويمكن القول إن الدافع الرئيسية وراء أعمال القرصنة في الصومال هو دافع مالي وحوادث مرتبطة بالصيد غير القانوني، والذي يعدّ مشكلة متكرّرة في المحيط الهندي.
وتأتي العديد من القوارب من جنوب شرق آسيا وإيران وحتى أوروبا للصيد من دون ترخيص في هذه المياه، ما يؤدي إلى استنزاف مصادر الدخل القليلة للسكان.
وايضا عدم الإستقرار الأمني والسياسي الذي تشهده المنطقة منذ اشتعال الحرب الأهلية في الصومال تلعب دورا مهما.
كما يؤكد البعض ان أنشطة الصيد غير القانونية التي تمارسها الشركات الأجنبية في استنزاف المخزون السمكي في الصومال، الذي يشكّل أحد مصادر الدخل الرئيسية لسكان المقاطاعات الساحلية بما في ذلك بونتلاند، نتج عنه تضرُّر الكثير من الصيادين الصوماليين، ومع ذلك لا يزال الصيد غير القانوني يقوّض سُبل العيش الصومالية حيث تستمر عمليات الصيد غير المشروع، في الوقت الذي يشكو الصيادون المحليون من تعرُّضهم للمضايقات مِن قِبَل القوارب اجنبية، التي لديها معدات أكثر تطورًا بكثير، مما يجعل من الصعب عليهم كَسْب لقمة عيشهم، ويعزز التوجُّه نحو ممارسة القرصنة.
وعلى هذا الأساس يعتبر العديد من الصوماليين القراصنة “وطنيين حقيقيين” يحاربون نَهْب الأصول الوطن، وتغريم السفن الأجنبية التي تُوجّه لها الاتهامات بحرمان الصوماليين من ثرواتهم الوطنية، وإلقاء النفايات السامة في المياه الإقليمية الصومالية.
والجدير في الذكر ان الاتفاق الدي أبرمته مطلع العام الجاري بين إثيوبيا وأرض الصومال الانفصالية -التي تسعى إثيوبيا بموجبه إلى الوصول إلى البحر الأحمر يزيد من اضطرابات في الصومال التي تواجه بالفعل عدم استقرار سياسي واقتصادي، مما يزيد من عمليات القرصنة .
ويري بعض الخبراء عن وجود نوع من “غض الطرف” عن الموضوع من طرف قوى دولية وإقليمية كثيرة ودفعه بطرق أخرى حتى يتفاقم، للاستفادة منه واستغلاله بالسعي إلى تضخيمه بطريقة مبالغ فيها بحيث تصور على أنها “أم الدواهي” ثم يتم من خلال ذلك تمرير مشاريع إقليمية ودولية كمشروع تدويل أمن البحر الأحمر وعدم استقرار القرن افريقي امنيا, وإذا لم يجد حلاً لكل هذه التحديات التي ذكرناها، فسيظل القراصنة موجودين وسيستمرون الهجوم ضد اي سفن .
والسبب الرئيسي لعدم الاستقرار في الصومال اخر 3 عقود الماضية سواء كانت اعمال القرصنة والحروب والفوضي هو النظام الفيديرالي والتدخل الاجنبي وخاصة التدخل الغربي الدي لا يريد ان تكون الصومال دولة موحدة, بينما الشعب الصومالي يتطور في الاقتصاد والتعليم والتكنولوجيا, واذا توحد سيكون قادرا على بناء دولة موحدة وقوية تقود أفريقيا كلها.