يناير 15, 2025

الأستاذ/ عبد الشكور قوريري سهل: يا أصدقاء لا جديد في هذا العالم

في هذه الأيام لم تجد شيئا جديدا عندما تتصفح إلى محتويات المواقع الإخبارية، التي تتحدث عن أحداث العالم كل يوم، فتجد أنه رغم مرور الزمن إلا أن الجوهر لم يتبدل والأخبار متشابهة، والمواضيع مستنسخة، والأحداث السياسية والرياضة في العالم لا تحقق تقدما ملموسا، مما يعكس حالة من الجمود، وكأن هناك دورة لا تنتهي من التكرار تجعلنا نشعر وكأننا نشاهد نفس المشهد مرارا وتكرارا، فلا يوجد شيء جديد يثير انتباهنا.

والأحداث التي كانت تثير اهتمامنا في السابق لا تثير نفس القدر من الفضول أو الحماس اليوم، بسبب تكرار الأحداث من دون وجود تغيير جوهري يحفزنا على متابعة مستجدات الأمور، فأصبحنا نتجاهل كل شيء يحدث في الداخل والخارج، لأن الأحداث تتكرر بكثرة دون أن تحمل معها عنصر الجدة أو المفاجأة الذي كان يثير اهتمامنا في الماضي.
بينما كنا في الماضي نترقب الأحداث والأخبار الجديدة بشغف، ونناقشها مع الأصدقاء والزملاء عندما نسمع حدثا جديدا قائلين: “يا فلان، هل سمعت اليوم حصل كذا؟” وكانت تلك اللحظات تضفي قيمة على محادثاتنا اليومية، وتشعل في نفوسنا الرغبة في معرفة المزيد عن الأحداث التي تجري من حولنا.

لا جديد في الأحداث العالمية، لأن المجازر التي يتعرض لها أهل غزة على يد إسرائيل لا زالت مستمرة كما هي، وما زالت الحكومات العربية والإسلامية غير قادرة على تحقيق تقدم ملحوظ في مواجهة المذبحة التي يتعرض لها الأطفال والنساء العزل في فلسطين، والأمم المتحدة عاجزة عن اتخاذ إجراءات فعالة لوقف هذه الانتهاكات والمجازر، ورغم تصريحاتها المعلنة حول التزامها بالعدالة واحترام القوانين الدولية، وعندما يتعلق الأمر بتطبيق هذه القوانين يظهر بوضوح أن الأمم المتحدة لا تزال تلعب سياسة مزدوجة، حيث تستغل الصلاحيات الدولية التي أعطيت لها لفض النزاعات لإطالة أمد الحروب وتدمير الشعوب خاصة في الدول النامية، ولو كانت أوكرانيا غزة وسحقت بنفس الطريقة لوجدنا رد فعل دُوَليّ صارم، ولو حرمت كييف من الكهرباء والماء والطعام لسارعت الأمم المتحدة في إنقاذها.

وايضا لا زالت أمريكا ودول الغرب عموما مند عقود يدّعون انهم منبع الحريات والديمقراطيات، ويعتبرون انهم المدافع الوحيد عن حرية الرأي وحرية الاختيار وحرية القول، ويتفاخرون بتصنيفهما الديمقراطية وحقوق الإنسان قيمتين أساسيتين، معتبرين معيارا لتقييم حكومات الدول الأخرى وشرعيتها، وفي نفس الوقت يخططون ويدبرون اغلب الانقلابات العسكرية في العالم، ويساندون النظم الاستبدادية في العالم مثل “بنيمين نتنياهو” الذي يقصف المستشفيات والمدارس في فلسطين ويقتل النساء والأطفال. كما انهم يتصرفون اليوم بدكتاتورية وجبروتية لا مثيل لها، حيث يخاطبون الدول والحكومات بمنتهي الغرور والعنجهية إما أن تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا، ويريدون أن يكون كل العالم تحت إمرتهم دون نقاش، فلذك أقول لا جديد في هذا ألعالم.

وإذا تحدثنا عن الصومال فلا يوجد شيء جديد كالعادة،
فمند عام 1960 إلى اليوم ونحن نعيش في ثقافة ثابته لم تتغير، وهي مثقلة بالأحلام والخيال دون ترجمتها إلى واقع ملموس، وكل يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة هي مجرد فترات زمنية لا تحمل أهمية كبيرة عند مقارنتها بأيام الزمان، والأمور التي كانت جديدة ومثيرة في الماضي، قد أصبحت مألوفة الآن، مما قللت من إحساسنا بأن هناك شيئًا جديدًا يستحق الانتباه.

وادي هذا الوضع إلى تمزيق البلد وتفريق الناس إلى قبائل، وعشائر منقسمة وبفعل هذه التصنيفات ولدت آلأحقاد والصراعات، وحصل ما حصل في عام 1992م نتيجة للتعبئة الخاطئة، ثم ظهرت الخلاف والصراعات، ولا زالت المكايدات والأحقاد مستمرة، حيث أي طرف يخون الطرف الآخر وكل قبيلة تهاجم قبيلة أخري وهم جميعا في قومية واحدة وعرقية واحدة ووطن واحد، فلذلك أقول لا جديد في هذا العالم.

ويبقى السؤال الأهم:

لماذا لا نسأل أنفسنا ماذا نكسب من هذه الأوهام والرومانسية الفارغة التي تبتعد عن الواقع؟

ختاما، يبدو أن العالم في الوقت الحالي يمر في مرحلة تراجع الإبداع والتجديد في الفكر الفردي والجماعي، حيث يعاني الانسان الركون إلى الكسل الذهني وتجنب التفكير خارج الصندوق، وهذا التوجه عزز من طريق تقليد الأفراد بعضهم البعض بشكل أعمى، فأصبحت الأحداث متشابهة بين مختلف البلدان والقارات، إذ لا يوجد تنوع يذكر في ردود الأفعال أو الحلول المطروحة للمشكلات.

وإضافة إلى ذلك، انتشرت التفاهة في هذا الزمن على نطاق واسع، حيث تحتل القضايا السطحية والتوجهات غير المجدية مساحة كبيرة في الإعلام والمحادثات اليومية، مما يعيق التفكير في مشكلات أكثر عمقاً وأهمية، وأدي هذا التقليد إلى تناقل نفس الأنماط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إدخال تحسينات أو تغييرات جوهرية.

وفي ظل كل هذه الأحداث المتكررة التي نعيشها اليوم، نحتاج إلى تعزيز ثقافة الإبداع والتنوع الفكري، وتحفيز الأفراد على الابتكار وعدم الركون للتقليد الأعمى الذي يعوق التقدم ويحافظ على دورة الأحداث القديمة، عن طريق تبني أفكار جديدة وتجديد أساليب التفكير، ويمكننا كسر دائرة التشابه وإحداث تغيير جوهري في العالم من حولنا.

عبد الشكور قوريري سهل

كاتب صومالي

Written by admin
×