بشكل عام، توجد ألعديد من المشاكل النفسية المعقدة في وقتنا الحاضر، وألحياة لاتخلو من المشاكل، فكل يوم نتعرّض لمشكلة جديدة ومختلفة فنجد أنفسنا مجبرين على حلها بسرعة للخروج منها بأقل خسائر، كما نواجه في حياتنا تحديات ونكسات يمكن أن تجعلنا نشعر بالإحباط والهزيمة.
وفي ألصومال نعيش في عصر أدى فيه عدم إلاستقرار المزمن والحروب الأهلية والقبلية والعصبية، والجهل والتقسيم والكوارث المناخية المستمرة إلى خلق مشهد معقد من المخاطر المتشابكة، بالاضافة الي التحولات الجيوسياسية المتسارعة الاخيرة التي تشهدها منطقة القرن ألأفريقي، وألارتيابات بين ألحكومة المركزية والولايات الاتحادية، مما أدت إلى تفاقم أوضاع الهشاشة، واصبحنا امة مريضة الفكر تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه.
وفي هذا ألمقال سوف نتناول بعض ألامور ألتي نحتاحها أليوم للتغلب علي ألمشاكل وألتحديات ألتي نواجهها.
اولا نحن بحاجة إلي أن نترك العصبية ألقبلية لانها دعوى جاهلية، وأساس ألشرارة في أغلب الحروب والصراعات هي العصبية القبلية، وإذا انتشرت في أي بلد فإنها تسبب دماره، وإذا ارادوا أعداء أي بلد أن يدمروا امة فإنهم يجعلوا من إثارة العصبيات القبلية طريقاً للوصول إلى تفتيت هذه الامة وتدميرها. وعلينا ان نحارب هذه الفكرة القاتلة التي تدعوا إلى التفرقة والتخريب، وإضعاف البلاد وتدميرها، كما يجب أن يكون التفاخر بالتدين والعلم وليس بالقبيلة والعصبية وحدها.
ونحن بحاجة إلي ان نكون إيجابيين ونفكر دائما بشكل إيجابي، وننطر العالم بشكل إيجابي، لان الإيجابية هي حالةٌ في النفس تجعل صاحبها مهمومًا بأمر ما، ويرى أنه مسئول عنه تجاه الآخرين، ولا يألو جهدًا في العمل له والسعي من اجل هذا ألامر، ويجب علينا أن نوقف أي نمط سلبي نقوم به في حياتنا، وهذا يعني إبعاد انفسنا عاطفيا عن الموقف الذي يؤذينا، وان لا نسمح للأفكار السلبية بالتسلل إلينا.
وان يكون الشخص إيجابي تعني أن يرى الشيء واجبا عليه فينهض للقيام به، والمقصود بالشيء هنا أي أمر من أمور الخير، وأيضا ألشخص إلإيجابي لا يترك مكاناً للخوف في حياته، ولا يترك للخوف مجالاً يمنعه من تجربة أشياء جديدة، بل يمضي المتفائل قدماً للتغلب على مخاوفه وتحقيق أهدافه.
وأليوم نحن بحاجة إلي أكثر من أي وقت مضى منح الفرصة لشبابنا البررة في جميع أنحاء بلادنا، لولوج الوظائف السامية والمشاركة في بناء الوطن من قريب، وايضا نحتاج ان نحارب ظاهرة الفساد المتفشي في دوائر الدولة، وتجديد الطبقة السياسية وطرد المفسدين الذين ظلوا يعيثون فسادا في البلاد منذ عدة عقود. وإن محاربة الفساد في هذا الزمن بكل الجهود وبكل الوسائل، أصبح فرض عين على كل صومالي صادق مع نفسه، يريد أن يساعد الأجيال القادمة ومنحهم فرصة حياة أفضل.
نحن بحاجة الي أن ندرك أهمية ألعلم، لان ألعلم هو مفتاح المعرفة وشعلة الأمم ونورها الذي يُضيء الكون، وهو أحد مقومات الحياة، ويصنع الحياة الكريمة الراقية، وهو سلاح يقوم بمحاربة الطلام والجهل وينير الطريق بالهدي، ويحول الامم من الجهل الي التقدم والتطور، وبالعلم تنهض الأمم، وتتحضر الشعوب.
والأمم التي لا تتعلم ولا تقرأ لا يتوقّع منها أن تبني أي حضارة، كيف وهي تهمل أعظم أداة وهبها الله إيّاها لتغذية العقول وسقايتها بعبر الماضي وجديد الحاضر وآفاق المستقبل. وأي أمة تريد أن تتقدم لازم أن يكون العلم عندهم رقم واحد، وأي امة تريد أن تتقدم عليها أن تقدم ألعلماء، وتؤخر ألجهلاء ، وأن تجعل ألمتخصصين وألمتعلمين في أعلي مناصب وأعلي مكانة في ألمجتمع.
نحن بحاجة إلي أن نعرف كيف بنى النبي ﷺ دولته من الصفر، ونحتاج أن نتعلم كيف قام النبي ﷺ بثورة اجتماعية وثقافية واقتصادية وفكرية. وكيف استطاع التأثير في ذلك المجتمع وهو الذي بدأ وحيدًا، وكيف نستنبط من السيرة قواعد سياسية واجتماعية للتغيير نسقطها على زمننا الحالي بعيدًا عن المواعظ المجردة، هذا كله في غاية الأهمية وهو فريضة الساعة، كما نريد اجتهادات من علماءنا ليجيبوا عن أسئلة مصيرية كثيرة.
ونحن بحاجة اليوم إلي ان نقبُّل الفشل، لان إحتضان الفشل يعني التعلم من النكسات والتكيف والمثابرة حتى نحقق أهدافنا، ويجب أن نقبّل فكرة النجاح والفشل، واعتبارهما جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، والفشل ليس النهاية، بل هو نقطة انطلاق نحو النجاح. وكلُّ ما علينا فعله هو تقوية ثقتنا بنفسنا، وتطوير مهاراتنا من الجوانب الشخصية والعملية والمهنية والأخلاقية، كما يجب أن نتعلم ونستفيد من كل التجارب التي مررنا بها.
وايضا نحن بحاجة اليوم إلي ان نكون اقوياء، اقوياء في الدين، واقوياء في الأخذ به والصبر على البلاء فيه، واقوياء في ضبطِ النفسِ والسّيطرة عليها، لان القوي قادر على حماية نفسه من الجهات المعادية سواء أكانت فرداً أم أمة، وانه يقدر على فعل مراده بدون عجز ولا تقصير، بخلاف الضعيف العاجز، وان ألقوة هي مظهر من مظاهر الرجولة الحقة، وصفة إيجابية بنحو الإجمال، كما تحمي صاحبها من شرور الآخرين وأذاهم، ولهذا كانت درجة القوي هي السابقة على لسان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: “المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير”.
نحن بحاجة إلي أن نتابع ونقرأ كل يوم أخبار ألعالم والبلاد لكي نعرف ما يجري فيه من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية، لانها جزء من الوعي الذي ينبغي أن نتحلى به، فالعالم يعيش أليوم في قرية صغيرة يؤثر شرقها في غربها، وشمالها في جنوبها، وتتشابك فيها الأحداث بعضها ببعض، حتى إن أسعار أقوات الناس في بلادنا قد تتأثر بحادث يحصل في أقصى العالم، ولم يعد من الممكن لمجتمع من المجتمعات أن يعزل نفسه عما حوله، شاء أم أبى، فلذلك يجب علينا ان نهتم مجريات العالم من حولنا.
وختاما، اليوم نحن بحاجة إلـى تقديـم المستقبل على كثير من الأمور، وهذا لا يعني ان ننسي الماضي ونترك الأمور دون حسم، لكن المقصود أن نحسم كثير من الملفات العالقة، وحل كثير من الأوضاع التي تسهم في عدم إستقرار ألبلد وإنفلات الأمن فيها، بيد أن هذه العملية يجب أن تتم في ظل بدء عملية أكبر تتطلع لمستقبل البلد والأجيال القادمة.
وعلينا أن نقرأ تاريخنا جيدا حتى نستخلص منه الدروس والعبر، ونتغلب على التحديات ألتي نواجهها بحكمة أجدادنا، لأن التحديات التي نواجهها اليوم لم يسبق أن شهدنا مثلها في تاريخنا، ولذلك لابد أن نحاول جمع ما إستطعنا من علم ومعرفة، ونمرر رسائل ألتفاؤل والمضي قدما لبناء مستقبل مشرق لنا، وإلاستسلام ليس من شيم ألصوماليين، وأهم عوامل قوة أمة من الأمم هو الاتحاد، وبالاتحاد تنال الأمم مجدها وتصل إلى مبتغاها وتعيش حياة آمنة مطمئنة.
عبدالشكور قوريري سهل
كاتب صومالي