سبتمبر 12, 2024

د. عمر فاروق شيخ عبدالعزيز: دلالات ومآلات الطرح الجيبوتي لمنح إثيوبيا منفذا بحريا تديره بالكامل لحلحلة الأزمة الصومالية الإثيوبية

في ٢٩ أغسطس ٢٠٢٤م، صرح وزير خارجية جيبوتي السيد/ محمود على يوسف تصريحا أدلى فيه أن جيبوتي مستعدة لمنح إثيوبيا منفذا بحريا تديره بالكامل للإستغناء عن منفذ بحري آخر، ولحلحلة الأزمة الصومالية الإثيوبية المتعلقة بالنزاع البحري.

وطرح وزير خارجية جيبوتي ممثلا عن حكومته بأن جيبوتي ستقترح لإثيوبيا منح ميناء (توجورا) التي تبعد من الحدود الإثيوبية ١٠٠ كيلو مينو فقط لإدارتها الكاملة، ولتحصل إثيوبيا فرصة لوصول المياه البحرية كونها دولة حبيسة لا ساحل لها.

وأردف الوزير الجيبوتي بأن رئيس جيبوتي السيد إسماعيل عمر جيلي سيقدم هذا المقترح لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي احمد، ورئيس جمهورية الصومال السيد حسن شيخ محمود في القمة الصينية الأفريقية المزمع إنعقادها في الصين، الرابع من سبتمبر ٢٠٢٤م.

وتجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا تستخدم حاليا موانئ جيبوتية كأجرة لأغراض تجارية، وأن التصديرات الأساسية الإثيوبية من الخارج تستورد من هذه المواني الجيبوتية.

دلالات المقترح الجيبوتي:

التوقيت الذي تزامن الطرح الجيبوتي بمنح إثيوبيا منفذا بحريا بالكامل توقيت حساس ومرحلة خطيرة وصلت الخلافات الصومالية الإثيوبية  في أوجها.

لذلك فهناك دلالات شجعت جيبوتي بهذا المقترح، تتمثل أهمها فيما يلي:

١- أن يتحكم ويحتكر الرئيس إسماعيل عمر جيلي الملف الصومالي في الساحة الاقليمية والدولية.

٢- أن يبدى الرئيس الجيبوتي للعالم بأنه القطب الأوحد، والخبير في حلحلة جميع الأزمات المقبلة في منطقة القرن الأفريقي، ويجب التعامل مع قبل أي قائد آخر في المنطقة.

٣- كسب المورد البشري الإثيوبي الهائل الذي يبلغ اكثر من ١٢٠ مليون نسمة – حسب الإحصائية الإثيوبية- لتحقيق أغراض اقتصادية وتجارية واستثمارية في جيبوتي.

٤- ضمان لكسب صوت إثيوبيا والصومال في صف تأييد مرشح جيبوتي السيد محمود على يوسف -وزير خارجية جيبوتي الحالي- والمرشح لرئاسة الإتحاد الأفريقي المزمع اجراء إنتخابها في مطلع ٢٠٢٥م ضد المرشح الكيني رايلا أودينغا، والمرشحين الآخرين.

٥- الهوس الجيبوتي من الدور المصري السياسي العسكري في منطقة القرن الأفريقي بعد توقيع الصومال بروتوكولات عسكريا مع جمهورية مصر العربية، وبدء رحلات عسكرية مصرية في الآونة الأخيرة إلى الصومال. كما يحتم بروز دور مصري جديد في المنطقة.

٦- الخوف من إندلاع حروب ومواجهات دامية في المنطقة، ما يجعل جيبوتي الخاسر الأكبر اقتصاديا في المنطقة.

مآلات الطرح الجيبوتي:

إذا نجحت جيبوتي بحلحلة الأزمة الإثيوبية الجيبوتية، فإن المآلات المتوقعة ستكون:

١- أن تنجح جيبوتي ما فشلت به جميع الدول الإقليمية خاصة تركيا وإثيوبيا والصومال وكينيا وأوغندا.

٢- أن تنجح جيبوتي بما فشلت أو تواطأت به – إن صح التعبير – الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية المهتمة بشأن القرن الأفريقي.

٣- أن يؤمن العالم أن الرئيس إسماعيل جيلي هو أهم قيادة في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وأن الملفات السياسية والأمنية والإقتصادية والاستراتيجية القادمة في المنطقة سيكون السيد جيلي، المحور الأساسي للتشاور معه، وإعطاء الأولوية لاستماع الحلول والقرارات اللازمة التي تقدمها جيبوتي في الملفات الشائكة.

٤- ستنجح جيبوتي أهم مكسب إقتصادي في منطقة القرن الأفريقي.

٥- وربما ستمكن الأمر لجيبوتي الفوز في رئاسة كرسي الإتحاد الأفريقي في دورته القادمة.

٦- ستكون جيبوتي قد أنقذت المنطقة من حرب إقليمي لا يمكن التنبؤ بمآلاته والخسائر الفادحة التي يمكن أن تنتج عنه إذا تم قبول مقترحها.

ومع ذلك لا يمكن التوقع قبول إثيوبيا العرض الجيبوتي لحصول منفذ بحري في جيبوتي، حيث أن إثيوبيا تطمع وبشدة حصول منفذ بحري في المياه الصومالية ضمن استراتيجياتها القومية الوطنية.

وكمتابع وكاتب في شأن منطقة القرن الأفريقي ، فإن كثيرا من المحللين يعتقدون أن إثيوبيا سوف لن تقبل الطرح الجيبوتي بسهولة، وما كانت تريده لم يكن فقط حصول منفذ بحري تستخدمه، بل كانت ترغب حصول منفذ بحري تابع لها، والتغلقل داخل الأراضي الصومالية، وإنشاء قواعد عسكرية دائمة تمكنهم استيلاء جز من الأراضي الصومالية في المستقبل المنظور.

ومن جانب أخر، فإن أريتريا عارضت وبشدة نية جيبوتي منح ميناء (تجرا) لإثيوبيا، بعد أن صرح وزير خارجيتها السيد/ عثمان صالح، مما يعقد الأمر تعقيدا، ويضع منطقة القرن الأفريقي في مواجهات عسكرية، ربما تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.

وأيا كان الأمر فإن حصول إثيوبيا -على الأقل- ميناء ومنفذ بحري جيبوتي (توجوا) في حال قبولها وموافقتها، فإنها في إنجاز عظيم وتحقيق رؤية أبي أحمد واستراتيجية إثيوبيا القومية في حتمية حصول منفذ بحري دائم لإثيوبيا.

ومن المؤكد أن إثيوبيا سوف لن تتخلى في سبيل حصول منافذ بحرية أخرى من الصومال وأريتريا إما بالقوة أو بالطرق الدبلوماسية قريبا أو بعيدا.، هذا ما تتمناه، ويتمنى شعبها ومواطنيها.

__________________

دلالات ومآلات الطرح الجيبوتي لمنح إثيوبيا منفذا بحريا تديره بالكامل لحلحلة الأزمة الصومالية الإثيوبية

د. عمر فاروق شيخ عبدالعزيز

كاتب في الشأن الصومالي ومنطقة القرن الأفريقي

٣ سبتمبر ٢٠٢٤م

التعليقات

Written by admin
×