ديسمبر 11, 2024

مقال سابق جديد (جدلية الإنتخابات السياسية المقبلة تجعل الصومال في مفترق الطرق) ما أشبه الليلة بالبارحة

هذا مقال تحليلي كتبه الكاتب في أبريل 2021م بعد جدلية حول الإنتخابات السياسية في الصومال في مرحلة الحكومة الصومالية السابقة، وكأن هذا الواقع السياسي السابق المتأزم لا يختلف عن واقعنا السياسي الحالي المتوتر،وما أشبه الليلة بالبارحة. والهدف من إعادة نشر هذا المقال في هذا العام 2024م هو لتقديمه للقراء والالتفات للوراء قليلا ليفهموا في اللحظة الحرجة التي نعيشها اليوم من خلافات حول مصادقة قانون اللجنة الإنتخابية المستقلة، وقانون المنظمات والأحزاب السياسية، بالإضافة إلى اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية لجوبالاند دون موافقة الحكومة الصومالية، وغياب نظام بونتلاند وجوبالاند من المجلس التشاوري الصومالي، ومعارضة ابرز السياسيين المعارضين لسياسات الحكومة الحالية.  

وهاكم المقال السابق الجديد:

جدلية الإنتخابات السياسية المقبلة تجعل الصومال في مفترق الطرق

. الكاتب: عمر الفاروق شيخ عبدالعزيز*

التاريخ: ٣٠ أبريل ٢٠٢١م

تمر الصومال في هذه الأيام مرحلة صعبة جدا، وفرقة سياسية على المستوى الإتحادي والولائي، مما سبب اختلاف عميق في وجهات النظر حول تنفيذ إتفاق ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠م.

والحقيقة أن الاجتماعات والجلسات بين قادة الحكومة الفيدرالية والحكومات الإقليمية السابقة باءت بالفشل، وذلك بدأ من الجلسات الماراثونية في دوسمريب، وجلسات مقديشو، وبيدوا.

قرار الإنتخاب البرلماني تمديد فترة أمً توجيه للمسار ؟

بعد أن أدت كل الطرق إلي طريق مسدود، تدخل البرلمان الصومالي بمجلسه الشعب، واصدر قرار توجيه مسار الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في ١٢ أبريل ٢٠٢١م، ووقع عليها الرئيس محمد عبدالله فرماجو في ١٣ أبريل ٢٠٢١م، تمثلت في النقاط الآتية:

١- إلغاء قانون البرلماني الصومالي لاعطاء الصلاحية للحكومة الفيدرالية والإقليمية.

٢- إلغاء قرار إتفاق ١٧ سبتمبر ٢٠٢١م، والذي كان ينص إجراء إنتخابات غير مباشرة في الصومال.

٣- إجراء إنتخابات مباشرة في الصومال خلال سنتين مقبلتين تقودها الللجنة الوطنية الصومالية للإنتخابات برئاسة السيدة/ حليمة يري، رئيسة اللجنة الإنتخابية.

وقد فسر البعض أن القضية لم تكن قضية توجيه مسار الإنتخاب، وإنما المغزى كان يمثل في تمديد فترة حكم للرئاسة والبرلمان وللحكومة الحالية.

وأيا كان الأمر فإن الأمر لم يكن يخلوا عن النظرتين، نظرة التوجيه، وخيار التمديد لفترة قادة، ربما ليتمكن النظام الصومالي الحالي توطيد أركان الدولة لصالحه، والتمكن في سيطرة مقاليد الحكم في الفترة ما بعد الإنتخابات القادمة.

هل القرار البرلماني في عنق زجاج؟

بعد تمرير قرار الإنتخابات المباشرة المقررة إنعقادها خلال السنتين المقبلتين أثار ذلك حفيظة المعارضة السياسية في العاصمة مقديشو، ورفض تام من قبل نظامي بونتلاند وجوبالاند لهذا القرار.

وحدث في مقديشو تسيير مظاهرات قوية، واختراق في صفوف القوات الأمنية خاصة قوات الجيش والشرطة، مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين القوات الصومالية وبعض القوات المعارضة في أحياء كل من فجح، وصنعاء، وميرانيا. بالإضافة إلي حي تليح في هدن، وحي هولوداغ. وتم إستيلاء مناطق في العاصمة من قبل بعض القوات الموالية للمعارضة.

وقد أصدرت الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، والإتحاد الأفريقي وكثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بالشأن الصومالي ضرورة المعاودة إلى إجراء الانتخابات الصومالية عبر إتفاق ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠م.

هذه الأحداث، وهذه المواقف، وتلك التطورات جعلت القرار  البرلماني لتوجيه مسار الإنتخاب وتمديد فترة الدولة في عنق زجاج، وأصبحت أمامه عقبة كؤودة قد تعرقل تنفيذه وتطبيقه.

والملاحظ هنا حسب رأيي أن استخدام بعض المعارضين السياسيين الشعب الصومالي كدرع وقائي عن رصاص قوات الحكومة الفيدرالية، ومحاولة لشق صفوف القوات الصومالية، واستخدام النعرات القبلية كوسيلة لمواجهة نظام الدولة من قبل بعض المعارضين، كلها وسائل وأساليب يجب التجنب عنها لكل من يحاول استخدامها أيا كان معارضا أو محافظا، مادام أنها تضر مصلحة العباد والبلاد.

مفاجأت سريعة، وتغيرات جذرية:

في 27 أبريل ٢٠٢١م أصدر كل من السيد/ احمد عبدي كارية ‘قورقور’ رئيس ولاية جلمدغ، والسيد/ علي عبدالله حسين ‘جودلاوي’ رئيس ولاية هيرشبيلي قرارا يؤيد العودة إلي اجراء الإنتخابات الصومالية على غرار إتفاق ١٧ سبتمبر، ويعارض قرار التمديد البرلماني

وقد وافق رئيس الوزراء الصومالي المهندس/ محمد حسين روبلي قرار ولايتي هيرشبيلي وجوبالاند، كما أيد هذا الموقف كل من ولاية بونتلاند وجوبالاند، بالإضافة إلى المرشحين والمعارضة السياسيين في مقديشو العاصمة.

والجدير بالذكر أن المجتمع الدولي وبعض الدول المانحة والمهتمة للشأن الصومالي، والمنظمات الإقليمية والدولية أيدت الموقف الموحد بين قادة ولايتي هيرشبيلي وجلمدغ ورئيس الوزراء الصومالي.

موقف الرئيس فرماجو غير الواضح:

وهنا يجب الإشارة إلى أن الرئيس محمد عبدالله محمد ألقى كلمة في التلفزيون الرسمي للشعب الصومالي في 28 أبريل ٢٠٢١م، صرح فيه موقفه تجاه ما صرح به رئيس وزرائه،و حلفائه السياسيين بكل من جلمدغ وهيرشبيلي، إلا أنه تطرق إلى ضرورة إعادة الأمر إلى مجلس الشعب حيث أعلن أن يوم السبت الموافق ١ مايو ٢٠٢١م سيقدم للبرلمان الصومالي كلمة حول الوضع السياسي في البلد، وإتخاذ قرار حول إلغاء قرار البرلمان السابق لتوجيه الإنتخابات المباشرة والتمديد لسنتين مقبلتين.

هل الرئيس فرماجو حاليا مخير أم مجبر؟

هناك سؤال محير لدي الشعب الصومالي، والمحللين السياسيين تتمثل في السوال: هل الرئيس فرماجو كان على علم تام بمواقف جلمدغ وهيرشبيلي وتأييد رئيس الوزراء الصومالي لها أم أن الرجل مجبر ومقهور؟

وتشير بعض المصادر بأن الرئيس لم يكن يعلم من هذه المواقف شيئا، وأن قناعته كانت تتمثل في ضرورة حسم الأمر لصالح الحكومة، ومواصلة تطبيق القرار البرلماني، وتنفيذ إجراء الإنتخابات المباشرة الصومالية خلال العامين المقبلين.

في حين يرى الآخرون بأن الرئيس ورئيس وزرائه كانا معا في كل لحظة، ؤأنهما اقنعا الرئيس جودلاوي والرئيس قورقور إبداء قرار تأييد العودة لإتفاق ١٧ سبتمبر، مادام أن الطريق أصبح مسدودا، كلعبة سياسية جديدة، وعرض مسرحية سياسية من نوع آخر. مادام أن علاقة الرئيس مع الولايات الأخرى مثل بونتلاند وجوبالاند ليست على ما يرام، وكذلك علاقته مع بعض الدول في العالم بخصوص رؤية إجراء الإنتخابات الصومالية ليست جيدة.

وأيًا كان الرئيس مجبورا أو مخيرا، فإن الموقف الرسمي الحقيقى سيظهر بعد إنعقاد جلسة السبيت البرلمانية المقررة إنعقادها في ١ ما يو ٢٠٢١م.

شكوك على جلسة السبت البرلمانية:

عقد السناتور/ عبدي قيبديد – القريب لرئيس الوزراء محمد حسين روبلي- مؤتمرا صحفيا في ٢٨ أبريل ٢٠٢١م، تحدث فيه حول إمكانية تخطيط الرئيس فرماجو، والإدارة العليا لمجلس الشعب وبعض حلفائهم في سحب الثقة من رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي وحكومته ذريعة أن الحكومة فشلت في تطبيق القرار البرلماني الأخير لإجراء إنتخابات مباشرة في البلد، هذه الوجهة التي يشاطره كثير من المعارضين للنظام الحالي في الصومال.

وقد أعرب رئيس الوزراء الصومالي تأييده لموقف إجراء إنتخابات غير مباشرة في الصومال على طريقة إتفاق ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠م.

وقد اظهرت جلسة البرلمان المرتقبة شكوكا كثيرة حولها، وأن سحب الثقة من الحكومة الصومالية الحالية قد تكون في أجندة الطاولة الخفية بالرغم من إيضاح رئاسة مجلس الوزراء بأن سحب الثقة من الحكومة ليست ضمن أجندة جلسة السبت، إلا أن السياسة ليست فيها مستحيلا، وسنرى ما ستؤول إليه جلسة البرلمان المقبلة إما تأييد العودة إلي إنتخابات الغير المباشرة، أو سحب الثقة من الحكومة الحالية.

مستقبل الصومال وقرارات البرلمان المحتملة:

جلسة البرلمان المرتقبة في يوم السبت ١ مايو ٢٠٢١م ينتظر منها أحد الخيارين الآتيين، والتي سينتج عن كل منها مآلات حتمية، وهي:

الخيار الأول:  خيار تأييد موقف الإنتخابات الغير المباشرة الذي أعرب عنه كل من إدارات هيرشبيلي وجوبالاند، وأيده وئيس الوزراء الصومالي والولايات الاقليمية الأخرى بالإضافة إلى المجتمع الدولي.

وهناك مآلات تنتج عن الخيار الأول:

١- الفرض علي الرئيس الحالي التنازل من إدارة جلسات اكمال وتنفيذ إتفاق ١٧ سبتمبر، ليكون فقط مرشحا كالمرشحين الآخرين، وفي حينها ليس له أي سلطة ولا قوة.

٢- ضغوط علي الرئيس فرماجو باسناد أمر إدارة ملف الإنتخابات لرئيس الوزراء الصومالي.

٣- إجبار الرئيس الصومالي بتحويل إدارة أمن الإنتخابات إلي

رئيس الوزراء الحالي.

٤- عقد جلسات لاكمال وتوقيع إتفاق ١٧ سبتمبر حول اجراء الانتخابات الصومالية ربما تأخذ شهر أو شهرين. .

٥- إجراء الانتخابات الغير المباشرة قبل نهاية العام الجاري ٢٠٢١م.

الخيار الثاني: خيار إعادة تأييد قرار البرلمان السابق، وسحب الثقة من الحكومة الصومالية الحالية:

وفي حال إختيار هذا الخيار ستكون هناك مآلات ستنتج عن الخيار الثاني وأهمها:

١- سحب الثقة من رئيس الوزراء الصومالي الحالي المهندس محمد حسين روبلي وحكومته. والطلب من الرئيس الصومالي تعيين رئيس وزراء جديد للبلد بأسرع وقت ممكن.

٢- تأييد مجلس الشعب القرار البرلماني السابق حول توجيه مسار الإنتخابات وإجراء الإنتخابات المباشرة خلال العامين المقبلين.

٣- تعيين الرئيس الصومالي رئيس وزراء جديد يشكل أعضاء حكومة جديدة.

٤- مظاهرات جديدة وأحداث دموية.

٥- مواقف معارضة من كل من رئيس الوزراء المقال حينها، حيث سيطعن شرعية البرلمان الحالي المنهية فترته الدستورية في ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٠م، ومواقف رؤساء كل من جلمدغ، وهيرشبيلي، وبونتلاند، وجلمدغ.

٦- أن إدارة ولاية جنوب غرب الصومال وإدارة إقليم بنادر من المرجح في هذه الحالة أنهما سيؤيدان موقف هذا القرار البرلماني.

٧- رفض المجتمع الدولي قرار البرلمان المتعلق بالإنتخابات المباشرة، والتوصية للعودة مرة أخرى إلى الإنتخابات الغير المباشرة من خلال إتفاق ١٧ سبتمبر.

٨- هجوم القوات الصومالية الفيدرالية على مواقع قوات المعارضة السياسية في بعض مناطق العاصمة.

٩- ومن المحتمل أن يفرض المجتمع الدولي عقوبات وحصار إقتصادي علي نظام الدولة في الصومال.

١٠- توجه الرئيس والحكومة الصومالية نحو خلق علاقات بديلة من الغرب كالعلاقة مع الروس والصين وتركيا والبحث عن حلفاء جدد، عربيا وإقليميًا ودوليا.

وأيًا كان نوع الخيار القادم، فإن الصومال في مفترق الطرق، وليس هناك من يستطيع أن يحكم أو يجزم السيناريو الأوحد المحتمل الذي سيؤول إليه الأمر في الخيارات المحتملة حول جدلية الإنتخابات الرئاسية والنيابية الصومالية المقبلة.

* باحث أكاديمي

—————

المصدر/ صفحة الكاتب في الفيسبوك

Screenshot

Written by admin
×