مارس 19, 2025

الأستاذ/ محمد جبوبي موسى: هل يمكن إنقاذ بونتلاند من حافة الإنفصال لإنقاذ الوحدة الوطنية؟

بونتلاند على حافة الانفصال – التحديات والحلول الممكنة

تعد بونتلاند واحدة من الولايات الفيدرالية الصومالية التي لعبت دورًا محوريًا في تشكيل النظام الفيدرالي بعد انهيار الدولة المركزية في الصومال عام 1991م، ومع ذلك فإن التوترات المتصاعدة بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية تهدد وتزعزع الاستقرار السياسي في المنطقة.
وبشعور سكان بونتلاند بالتهميش السياسي والاقتصادي، دفع قياداتها إلى إتخاذ خطوات نحو تعزيز استقلاليتها.
وبذلك فإن هذا التقرير يستعرض جذور الأزمة، المؤشرات الحالية، والدروس المستفادة من تجربة أرض الصومال، مع تقديم حلول ممكنة لتجنب السيناريو الأسوأ.

جذور الأزمة:
تتمثل جذور المشكلة في النقاط الرئيسة الآتية:
1.التهميش السياسي:
– لعبت بونتلاند دورًا محوريًا في تأسيس النظام الفيدرالي الصومالي بعد انهيار الدولة المركزية عام 1991م ومع ذلك تشكو من سياسات التهميش التي تنتهجها الحكومة الفيدرالية، والتي تتجلى في:
– عدم التمثيل العادل: حيث تدرك بأنها غير ممثلة بشكل عادل في مؤسسات صنع القرار الوطني، مما يحد من قدرتها على التأثير في السياسات التي تمس مصالحها.
– الإقصاء من المفاوضات الدولية: غالبًا ما يتم إقصاء بونتلاند من المفاوضات الدولية والإقليمية التي تخص الصومال، مما يضعف موقعها التفاوضي ويقلل من فرصها في الحصول على دعم دولي.
– تجاهل المطالب المحلية: وتتمثل هذه المطالب في المشاركة الفعالة في إدارة الشؤون الوطنية، وغالبًا ما يتم تجاهلها، مما يعزز الشعور بالتهميش.
2. خلافات تقاسم السلطة والموارد:
– تعتبر مسألة توزيع السلطة والموارد واحدة من أبرز نقاط الخلاف بين بونتلاند ومقديشو. وتطالب بين الفينة والأخرى حصة أكبر من الموارد الوطنية والمشاريع القومية، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية، والتي ترى أنها غير متوفرة بشكل عادل.
– السياسات المركزية: هناك شكاوى متكررة من أن الحكومة الفيدرالية تعتمد سياسات مركزية تقلل من صلاحيات الولايات الفيدرالية، مما يزيد من اتساع الفجوة بين مقديشو وبونتلاند.
3. السياسات الأحادية للحكومة الفيدرالية:
– تتهم بونتلاند الحكومة الفيدرالية باتباع سياسات أحادية لا تراعي التوازنات الوطنية. هذه السياسات تشمل:
– تمرير قوانين برلمانية دون التشاور: تمرير قوانين واتفاقيات دون التشاور مع الولايات الفيدرالية، مما يضعف شرعية هذه القوانين في نظر سكان بونتلاند.
– تجاهل مطالب الحكم الذاتي: تجاهل الحكومة الفيدرالية مطالب الولايات في الحصول على حكم ذاتي أوسع، مما يعزز الشعور بالاستقلالية.
– تعزيز سلطة الحكومة المركزية: التركيز على تعزيز سلطة الحكومة المركزية على حساب الولايات، مما يزيد من حدة التوترات.

التأثيرات السياسية الداخلية

تؤثر الحرب على العلاقات الداخلية بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية، حيث تظهر بونتلاند كقوة مستقلة. قد يؤدي نجاح بونتلاند إلى تغيير في موازين القوى السياسية داخل الصومال. يتم تغطية الحرب بشكل مكثف في وسائل الإعلام المحلية والدولية

المؤشرات الحالية:
1. تراجع الثقة بين بونتلاند ومقديشو:
– هناك تراجع ملحوظ في ثقة بونتلاند مع الحكومة الفيدرالية، حيث تشعر بأنها غير ممثلة بشكل عادل في صنع القرار الوطني. هذا التراجع الذي يقلل الثقة يدفع بونتلاند نحو تعزيز استقلاليتها الذاتية.
2. خطوات نحو الاستقلالية:
– اتخذت بونتلاند خطوات فعلية نحو تعزيز استقلاليتها، بما في ذلك:
– تعزيز مؤسساتها المحلية، مثل القضاء والأمن.
– إبرام اتفاقيات تجارية ودولية بشكل مستقل دون الرجوع إلى الحكومة الفيدرالية.
– التهديد بمقاطعة الانتخابات الوطنية إذا لم يتم تلبية مطالبها.
3. مؤشرات الانفصال:
– تزايدت المؤشرات على أن بونتلاند قد تسير في طريق مشابه لطريق أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991م، هذه المؤشرات تشمل:
– تصريحات قيادات بونتلاند التي تهدد بالانفصال إذا لم يتم تلبية مطالبها.
– تزايد الدعم الشعبي لفكرة الاستقلال بين سكان بونتلاند.
– تعزيز العلاقات مع دول إقليمية ودولية بشكل مستقل عن الحكومة الفيدرالية.

الدروس المستفادة من تجربة أرض الصومال
تجربة أرض الصومال تقدم درسًا واضحًا بأن التهميش السياسي يولّد رغبة متزايدة في الانفصال. أرض الصومال، التي شعرت بالتهميش والإقصاء، أعلنت استقلالها ولم تعد ترغب في العودة إلى الوحدة مع الصومال. هذا السيناريو قد يتكرر مع بونتلاند إذا لم يتم معالجة جذور الأزمة. ومن الدروس الرئيسية التي يمكن استخلاصها من تجربة أرض الصومال:
1. أهمية الحوار السياسي: غياب الحوار السياسي الفعال بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية يؤدي إلى تفاقم الأزمات.
2. ضرورة التوزيع العادل للسلطة والموارد: عدم التوزيع العادل للسلطة والموارد يزيد من الشعور بالتهميش ويدفع نحو الانفصال.
3. تعزيز الثقة بين الأطراف: الثقة المتبادلة بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية هي أساس أي نظام فيدرالي ناجح.

الحلول الممكنة
1. حوار سياسي جاد:
– إنقاذ بونتلاند من مسار الانفصال يتطلب حوارًا سياسيًا جادًا يعالج جذور الأزمة. هذا الحوار يجب أن يشمل جميع الأطراف المعنية ويجب أن يكون شفافًا وعادلًا.
– يجب أن يركز الحوار على قضايا مثل تقاسم السلطة والموارد، وإعادة هيكلة العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
2. توزيع عادل للسلطة والموارد:
– يجب ضمان توزيع عادل للسلطة والموارد بين الحكومة الفيدرالية والولايات الفيدرالية. هذا التوزيع يجب أن يكون مبنيًا على أسس من العدالة والشراكة الحقيقية.
– يمكن إنشاء آلية واضحة لتوزيع الموارد الوطنية بناءً على احتياجات كل ولاية.
3. إعادة هيكلة العلاقة الفيدرالية:
– هناك حاجة لإعادة هيكلة العلاقة بين مقديشو والولايات الفيدرالية على أسس جديدة تعتمد على الشراكة الحقيقية والاحترام المتبادل.
– يجب تعزيز صلاحيات الولايات الفيدرالية في إدارة شؤونها المحلية مع الحفاظ على وحدة الدولة.
4. تعزيز الثقة:
– يجب العمل على تعزيز الثقة بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية من خلال خطوات ملموسة تعكس رغبة حقيقية في التعاون والشراكة.
– يمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ اتفاقيات سابقة وإشراك بونتلاند في صنع القرار الوطني.

وفي الختام:
فإن بونتلاند تقف على مفترق طرق، حيث يمكن أن تسير نحو مزيد من الاستقلالية أو حتى الانفصال إذا لم يتم معالجة جذور الأزمة. وأن إنقاذ الوحدة الصومالية يتطلب جهودًا جادة من جميع الأطراف، مع التركيز على الحوار السياسي والتوزيع العادل للسلطة والموارد.
فالوقت هو العامل الحاسم، والإجراءات السريعة والفعالة هي المفتاح لتجنب السيناريو الأسوأ.

Written by admin
×