اقترح رئيس جمهورية الصومال الدكتور حسن شيخ محمود سابقا، الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، وحذف منصب رئيس الوزراء من خارطة مناصب الدولة ليتفرد له مقاليد السلطة، غير أنه اقتنع أخيرا إبقاء منصب رئاسة الوزراء، والتخلى عن النظام الرئاسي بعد ضغوط المعارضة السياسية، وتخوفات من قبل بعض النواب في مجلسي النواب والشيوخ البرلماني.
ومن الغرابة بمكان أن رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية عشق حاليا منصب رئيس الوزراء عشقا غراميا، وبدأ يحاول إقناع القبائل الصومالية الكبرى -إن صح التعبير- من خلال تقسيم مهام رئيس الوزراء وصلاحياته، وتجزئته إلى نواب له نائب أول للمناطق الشمالية، ونائب ثان لقبائل مناطق جنوب غرب الصومال، وربما نائب ثالث يمثل منطقة أخرى من المناطق الصومالية، ولا يعرف متى ستتوقف توزيع المناصب المجانية الغير العادلة، والتعديلات الوزارية الداخلية، وضم الوزراء وبعض رؤساء الولايات الاقليمية المختلفة قلوبهم، والمتضادة طموحاتهم ورغباتهم تحت لواء تحالف العدالة والوحدة الغائبتين أصلا، والتي نحن المجتمع في أمس الحاجة إليهما. وكلما أقنع الرئيس جهة أغضب جهات اخرى مما لا يحل مشكلة الصومال وجذورها المستعصية.
والجدير بالذكر أن النظام السياسي الحالي في الصومال مبني على المحاصصة القبلية والتركيبة الاجتماعية 4.5، وبالرغم من ذلك فإن الرئيس الصومالي لا يعطي أية أهمية لتمثيل قبائل 0.5، وإنما يركز كل سياساته واقناعاته السياسية على القبائل التي ترى نفسها أنها القبائل الكبيرة والتي لها الحق في استحواذ المناصب العليا في البلد. وهذا يعتبر فوضى خلاقة في توزيع المناصب والمنافع على أساس ما يحلم به الرئيس مستيقظا وهو غير نائم، لأن الحلم في حالة النوم ربما يتحقق، وربما يوافق الحالم الجادة مرة أو مرتين وربما عدة مرات، وتكون النتيجة صحيحة إذا نبعت عن رؤية صادقة.
الدستور الصومالي الحالي دستور مؤقت منذ تأسيس الجمهورية الثالثة في الصومال. وعلى الرغم من إعلان النظام الحالي في البلد؛ تغيير ٤ مواد دستورية، بيد أن هناك جدلية دستورية فيما إذا كان الصومال يعمل بالدستور الصومالي على عهدته القديمة المؤقت، أم يطبق الدستور الصومالي بثوبه الجديد.
الدستور هو عقد اجتماعي يحتاج إلى توافقات سياسية واجتماعية، وعلى أساس مبني على العدل والمساواة. وفي هذه السانحة أود أن أقدم مقترحات حول الدستور المطلوب للصومال في المرحلة المقبلة:
١- الدستور الصومالي المؤقت والدستور الذي تم تغيير بعض مواده لن ينفع ولن يجدي للصومال، ولا يحل مشكلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحسيمة.
٢- وللحصول على دستور صومالي يجب على الجميع الحذر من أية تدخلات اجنبية لوضع مواده أو تغيير نصوصه ووضع تشريعاته.
٣- قبل وضع دستور رسمي غير مؤقت للصومال متوافق عليه، يتطلب الأمر إلى عقد مؤتمر جامع للمصالحة، وترك كل المصالح الشخصية والقبلية ورميها على عرض الحائط، وذلك لتغليب المصلحة العامة عن المصالح الشخصية.
٤- التنازل عن النظام السياسي الصومالي المبني على المحاصصة القبلية 4.5، واختيار نظام الحقوق السياسية الفردية.
٥- أن يتكفل الدستور الرسمي الصومالي حقوق الأفراد والجماعات، وإيجاد الضمانة الاجتماعية ليشعر الجميع أن النظام الدولي أفضل من النظام القبلي، مادام أن النظام القبلي هو الضامن الاجتماعي حاليا في الصومال.
٦- وضع نظام انتخابي حر ونزيه في الدستور الصومالي الجديد يتساوى حوله كل المواطنين والسياسيين وأصحاب المصلحة لتقليد سلطة الحكم والمناصب الإدارية والسياسية.
٧- التنازل عن النظام الفيدرالي الذي يعمق فجوة المجتمع الصومالي، ويؤثر وحدة الدولة وتماسكها سلبا.
٨- وأخيرا فعلى الرئيس الصومالي وحكومته التنازل عن الرغبات الشخصية، والأطماع النفسية. للجلوس مع كافة الأنظمة الولائية، والمعارضة السياسية، وقيادات المجتمع المدني، وذلك لأجل إنقاذ ما تبقى من تراث الجمهورية الصومالية وكيان دولتها.
_____________
الفوضى الخلاقة في تعيينات المناصب العليا لن يحل المشكلة في الصومال
د. عمر الفاروق شيخ عبدالعزيز
باحث وكاتب في الشأن الصومالي
