في وقت يشهد فيه الصومال أزمة سياسية مركّبة وتحديات اقتصادية وأمنية متفاقمة، يبرز على الساحة حزب سياسي جديد يحمل اسم “سمدون”، بقيادة الدكتور عبد القادر معلم نور، سفير الصومال لدى منظمة التعاون الإسلامي.
يمثل الحزب محاولة جديدة لإعادة صياغة المشهد السياسي بمنظور مختلف، يقوم على بناء دولة مؤسسات، وتحقيق التوازن بين تطلعات الشارع ومقتضيات الحكم الرشيد.
في هذا الحوار الخاص الذي أجراه عبد الله الفاتح، نقترب من رؤية الدكتور عبد القادر لحل أزمات الصومال، ونتعرف على المشروع السياسي الذي يطرحه “سمدون” كبديل وطني جامع يسعى لكسر الجمود وإعادة الأمل للمواطن الصومالي.
إليكم نص الحوار:
عبد الله الفاتح: نرحب بكم سعادة السفير الدكتور عبد القادر معلم نور، ونشكركم على إتاحة الفرصة لهذا اللقاء الحصري. بدايةً، نود أن نسأل: كيف نشأت فكرة تأسيس حزب “سمدون”، وما هي أبرز الأهداف والطموحات التي يسعى الحزب إلى تحقيقها في المشهد السياسي الصومالي؟
السفير عبد القادر معلم نور: أود أن أعبر عن خالص شكري لكم على هذه الفرصة القيمة التي أتاحتها لي مؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية للتحدث عن حزب “سمدون” ورؤيته المستقبلية. تأسس حزب “سمدون” بعد سلسلة من النقاشات والحوارات المعمقة التي شارك فيها عدد كبير من المثقفين والسياسيين وعلماء الدين والنساء والشيوخ من مختلف أنحاء الصومال، الذين كانوا على وعي عميق بحاجة بلادنا إلى مسار جديد يعتمد على التكاتف الوطني، العدالة، والاعتماد على الذات. خلال اللقاءات التي عقدناها في مناطق متعددة من البلاد، طرحنا سؤالًا حاسمًا: “ما الذي يجب أن نقدمه لشعب أنهكته الحروب، الفساد، والأزمات الاقتصادية؟” وكانت الإجابة الواضحة: ضرورة تأسيس حزب برؤية استراتيجية بعيدة المدى، ولكنه في ذات الوقت يلامس احتياجات المواطنين اليومية. وبذلك، وُلد “سمدون” – الحزب الذي يحمل اسمًا مستمدًا من التراث الصومالي ويعبر عن الأمل في الإصلاح والخير.
هدفنا الأول هو تحقيق سلام دائم، فنحن نؤمن أن كل تقدم يبدأ من الأمان والثقة بين الدولة والمواطن. لذلك، نركّز على إصلاح وتأهيل القوات المسلحة، وتوحيد أجهزة الأمن، وتعزيز الشراكة المجتمعية، للقضاء على تهديد الجماعات المسلحة كـ”الشباب” و”داعش”. والسلام لا يعني فقط وقف إطلاق النار، بل خلق بيئة يسودها العدل ويشعر فيها كل مواطن بأن حقوقه مصانة.
الركيزة الثانية هي الحكم الرشيد والعدالة المتساوية. نطمح إلى بناء نظام قضائي مستقل وشفاف يخدم المواطنين، لا الجماعات الخاصة، وإلى حكومة خاضعة للمساءلة، خالية من الفساد، تُعيد ثروات البلاد إلى مكانها الطبيعي: خدمات الصحة، والتعليم الجيد، والمياه النظيفة، في كل منطقة يعيش فيها الصوماليون.
أما الركيزة الثالثة فهي النهوض بالاقتصاد لخلق فرص عمل وأمل جديد، خصوصاً للشباب. لدينا خطط لمشاريع بنى تحتية مثل الطرق والموانئ والطاقة الموثوقة لدفع عجلة التجارة وفتح الأسواق. كما نولي اهتماماً بالتعليم المهني، ودعم الزراعة والصيد، وتنمية المشاريع الصغيرة، وتشجيع الاستثمار المستدام الذي يتماشى مع البيئة، للحد من آثار تغيّر المناخ التي تؤثر بشدة على بلادنا.
وأخيراً، نحن نؤمن بأن بلادنا تمتلك طاقات هائلة يمكن تفعيلها عبر وحدة وطنية حقيقية وتعاون إقليمي فعّال. سيسعى حزب “سمدون” إلى ترسيخ نظام سياسي يشعر من خلاله الجميع—قبائل وأقاليم—بأنهم جزء من مستقبل مشترك، وأن الصومال قادر على بلوغ الاستقرار والتنمية التي يستحقها، في تناغم مع محيطه الإقليمي والدولي.
غايتنا أن ينمو أطفال الصومال خلال السنوات الخمس القادمة في وطن آمن، وأن يحظى الشباب بفرص عمل وأمل حقيقي، كي يدخل بلدنا مسار النمو الاقتصادي ويستعيد مكانته المستحقة بين الأمم.
المصدر/ موقع الصومال اليوم
