مارس 19, 2025

تحليلات مركز اليقين: حرب داعش في بونتلاند *الأبعاد السياسية والاستراتيجية والاقتصادية*

تشهد ولاية بونتلاند في الصومال حربًا شرسة ضد تنظيم داعش، حيث تواصل قوات الدفاع المحلية في جبال “علمسكاد” بمحافظة بري، التي تُعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم في الصومال. وعلى الرغم من النجاحات العسكرية التي تحققت، إلا أن هذا الحرب تثير تساؤلات حول الأجندات الخفية والدور الإقليمي، خاصة فيما يتعلق دور دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذا التقرير يقدم تحليلًا شاملاً للأبعاد السياسية، الاستراتيجية، والاقتصادية لهذا الصراع، مع استعراض التداعيات المحتملة على الصومال والمنطقة.

*1. الأبعاد العسكرية والأمنية*

تمكنت قوات بونتلاند من استعادة مناطق شاسعة في جبال “علمسكاد”، مما أدى إلى مقتل العديد من عناصر التنظيم، بما في ذلك أجانب من جنسيات غير صومالية.
وقد تم تطهير عدة قرى ومراكز استراتيجية كانت تحت سيطرة داعش، مما قلص من نفوذ التنظيم في المنطقة. ومع ذلك، سجلت بونتلاند خسائر كبيرة في صفوف قواتها، بما في ذلك مقتل شقيقين من قوات الولاية.
وقد أُصيب عدد كبير من الجنود، الذين يتلقون العلاج في مستشفيات مدينة “بوصاصو”، مما يسلط الضوء على التكلفة البشرية للحرب.
والحقيقة أن قوات بونتلاند اعتمدت على تكتيكات حرب العصابة، مع التركيز على حصار مواقع داعش في الجبال. وقد تم تعزيز العمليات العسكرية بدعم جوي محدود، رغم عدم توفر طائرات مقاتلة متطورة، حيث تلقت بونتلاند دعمًا لوجستيًا من جهات غير معلنة، يشمل معدات عسكرية وذخائر.
وتشير بعض التقارير إلى أن الإمارات قد تكون مصدرًا رئيسيًا لهذا الدعم، رغم عدم تأكيد ذلك رسميًا.

*2. الأبعاد السياسية*

على الرغم من بيان الرئيس الصومالي بدعم عمليات بونتلاند مؤخرا، إلا أن العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وولاية بونتلاند تظل متوترة. هذا التوتر الذي يعيق التنسيق العسكري والسياسي، ويضعف الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب.
وفي هذا السياق تشير تقارير إلى أن الإمارات تلعب دورًا كبيرًا في دعم الحملة العسكرية ضد داعش، ما يثير إلى تساؤلات حول دوافعه، سواء كانت أمنية بحتة أو مرتبطة بمصالح اقتصادية إماراتية في المنطقة.
وأدت هذه الحروب وهذه المواجهات إلى تعزيز شعبيّة حكومة بونتلاند المحلية، التي تُظهر تصميماً على مواجهة التنظيم. ومع ذلك، فإن الخسائر البشرية تزيد من الضغوط على الحكومة المحلية لتبرير تكلفة الحرب.

– *3. الأبعاد الاستراتيجية والإقليمية*
تعتبر الحرب على داعش جزءًا من الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب. وتُظهر الإمارات التزامًا بتعزيز استقرار القرن الإفريقي، مما يعكس أولوية أمنية إقليمية. قد يكون الدعم الإماراتي تعبيرًا عن التزاماتها تجاه حلفائها الغربيين، خاصة الولايات المتحدة، التي تعتبر مكافحة الإرهاب أولوية استراتيجية. كما يعكس هذا الدعم أيضًا رغبة الإمارات في تعزيز نفوذها في المنطقة.
والجدير بالذكر أن نجاح بونتلاند في القضاء على داعش قد يعزز الأمن الإقليمي، مما يفيد دول الجوار مثل إثيوبيا وكينيا. وبالمقابل، فإن فشل الحملة قد يؤدي إلى انتشار التنظيم في مناطق أخرى.

*4. الأبعاد الاقتصادية*

كانت الإمارات قد استثمرت في مشاريع اقتصادية في بونتلاند، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة. ويطرح هذا تساؤلا حول ارتباط الدعم العسكري بحماية هذه المصالح. يتطلب خوض حرب طويلة الأمد دعمًا ماليًا ولوجستيًا كبيرًا، مما يرجح أن الإمارات قد تكون الممول الرئيسي لهذه العمليات.
وتشير بعض التقارير إلى أن بونتلاند تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي لتمويل الحرب.

ومما لا شك فيه أن هذا الحرب أدى إلى تدمير البنية التحتية في المناطق المتضررة، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على بونتلاند. وتحتاج الولاية إلى دعم دولي لإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع.

*5. التداعيات الإنسانية*

أدت الحرب إلى نزوح الآلاف من المدنيين من مناطق الصراع، مما زاد من الأزمات الإنسانية في المنطقة.
وتعاني المناطق المتضررة من نقص في الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
وبالرغم من أن المنظمات الإنسانية تقدم بعض المساعدات للمتضررين، لكنها تواجه صعوبات بسبب استمرار القتال. وتحتاج هذه المنظمات إلى دعم دولي لتوسيع نطاق عملياتها.

*6. السيناريوهات المستقبلية*
– *في حالة النجاح:*
قد تشهد المنطقة تعزيزًا للأمن والاستقرار. يمكن أن يؤدي هذا النجاح إلى تحسين العلاقات بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية.

– *في حالة الفشل:*
قد يزداد نفوذ داعش في المنطقة، مما يهدد الأمن الإقليمي. ويؤدي الفشل أيضًا إلى تفاقم التوترات بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية.

*7. التأثيرات السياسية الداخلية*

تؤثر الحرب على العلاقات الداخلية بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية، حيث تظهر بونتلاند كقوة مستقلة. وقد يؤدي نجاح بونتلاند إلى تغيير في موازين القوى السياسية داخل الصومال.
والملاحظ أن الحرب يتم بتعطيته بشكل مكثف في وسائل الإعلام المحلية والدولية، مع التركيز على التكلفة البشرية. ويظهر الرأي العام الصومالي دعمًا كبيرًا للحملة العسكرية، رغم المخاوف من الخسائر.

*8. الخاتمة والتوصيات*

الحرب على داعش في بونتلاند ليس مجرد صراع عسكري، بل هو معركة معقدة تتداخل فيها الأبعاد السياسية، الاستراتيجية، والاقتصادية. ويتطلب فهم هذه الحرب النظر إلى السياق الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بدور الإمارات والمصالح المتشابكة في المنطقة.
وكذلك فإن نجاح الحملة قد يعزز الاستقرار في الصومال والمنطقة، لكن فشلها قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الأمنية والإنسانية.

*التوصيات:*
1. تعزيز التنسيق بين بونتلاند والحكومة الفيدرالية لضمان نجاح الحملة العسكرية وتقليل الخسائر البشرية.
2. توفير دعم مالي ولوجستي كاف من المجتمع الدولي لمواصلة الحرب وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
3. تعزيز الجهود الإنسانية لتقديم المساعدات للمدنيين المتضررين من الحرب.
4. مراقبة الدور الإماراتي في الصراع لضمان أن يكون الدعم موجهاً نحو تحقيق الاستقرار وليس لتعزيز مصالح اقتصادية أو سياسية.

Written by admin
×