نوفمبر 5, 2024

قصة التنظيم الصوفي المسلح في الصومال

التنظيم الذي كان له دور بارز في مواجهة حركة الشباب المسلحة في الأقاليم الوسطى، شهدت مسيرته محطات مختلفة تحالف في بعضها مع الحكومة، في ظل نفوذ واسع له وسط البلاد، إلا أن انحسار هذا النفوذ، واتهامه للحكومة بتهميشه، انتهى به إلى هذه المواجهات الدامية، وفق مراقبين.

التنظيم الصوفي.. النشأة والتأسيس

ـ أهل السنة والجماعة هو تنظيم صوفي انخرط في مراحل مختلفة منذ تأسيسه بالعملية السياسية، وعقد معاهدات وتسويات متعددة مع شركاء وخصوم.

ـ اقترب التنظيم حينًا من الحكومة بالتحالف معها والانخراط في مؤسساتها، وابتعد أحيانا أخرى، وأنشأ جناحا مُسلحًا، هدفه الدفاع عن مصالحه في الصومال، ومواجهة خصومه حال اقتضى الأمر.

ـ يتزعم الجناح المسلح لتنظيم أهل السنة والجماعة منذ ظهوره وسط الصومال وحتى الآن، محمود شيخ حسن فارح (81 عاما) وتقوم أفكار التنظيم ومنهجيته على اعتماد المنهج الصوفي، وهو حسب مراقبين، أحد التيارات الإسلامية المعتدلة الذي ينتهج أيديولوجية إسلامية غير متشددة.

ـ برز تنظيم أهل السنة والجماعة أوائل التسعينيات، ولمع اسمه بشكل أكبر حين أسس الجنرال الراحل محمد فارح عيديد، إذاعة محلية في مقديشو تحمل اسم التنظيم، وبث من خلالها أغاني وأورادا صوفية، بهدف اتخاذ الصوفية واجهة دينية لمحاربة التطرف والجماعات السلفية المتشددة.

ـ لكن محاولة عيديد لاستقطاب التنظيم إلى المشهد السياسي حينها باءت بالفشل، لأن تنظيم أهل السنة والجماعة آثر في تلك المرحلة، الابتعاد عن السياسة والتركيز على الجانب الصوفي فقط.

ـ منتصف التسعينيات، برز اسم الجماعة كتنظيم إسلامي في مقديشو، يتزعمه الشيخ عبد الرزاق، أحد علماء الطريقة القادرية الصوفية، إلا نشاطه في العاصمة كان محدودًا.

البروز المسلح

ـ يعود الظهور الحقيقي للجماعة كتنظيم مسلح إلى أواخر 2008، عقب بدئه في المناطق الوسطى بالصومال، المواجهة مع كلٍّ من حركة الشباب والحزب الإسلامي، على خلفية قيامهما بنبش مقابر رموز صوفية، وهدم مزارات خاصة بالحركة الصوفية في أكثر من مكان.

ـ على خلفية هذه المواجهات وخلال عام 2009، بدأت الجماعة في التوسع بالسيطرة على الأقاليم الوسطى بأكملها، ومحاولة التوسع أكثر في أقاليم أخرى مجاورة، من أبرزها جلجدود وبارطيري وولي وكساميو، واستطاعت طرد عدد كبير من عناصر الحركات المسلحة من الأقاليم الوسطى.

ـ عقب هذه الانطلاقة المسلحة، اتسع نفوذ الجماعة، وكان أبرز أسباب ذلك الوضع القبلي الذي يهيمن على المشهد في البلاد، ودعم الحكومة الصومالية لها في سبيل محاربة تطرف حركة الشباب حيث شهد عام 2010 تحالفا بين الجانبين، إضافة إلى مباركة دولية لدعم الحكومات الأفريقية للجماعة الصوفية في مواجهة التطرف.

ـ التحالف الذي تم بين الحكومة والتنظيم، تكلل في 2013 رغم وجود مساحات خلاف بين الجانبين، بانضمام قوات التنظيم للجيش الصومالي، واندماج أفراده فيه.

ـ لكن هذا الانخراط، أدى في المقابل إلى انحسار نفوذ تنظيم السنة والجماعة الذي كان قد تزايد خلال السنوات السابقة، ومن ثم بدأت مساحة الخلاف تتسع بين التنظيم والحكومة، ليقوم الأول في 2014 بالعمل على تشكيل إدارة محلية في مناطق سيطرته، معلنا فك ارتباطه مع الحكومة.

الخلاف مع الحكومة

ـ اتسعت مساحة الخلاف في 2015، حين شكلت الحكومة الصومالية ولاية غلمدغ المحلية، ضمن جهودها لنشر الفدرالية في البلاد، حيث رفض التنظيم المشاركة فيها، ما أدى إلى وجود نظامين إداريين في الولاية.

ـ منذ مارس/آذار 2015 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2017، استمرت حالة من الاقتتال المتقطع بين الحكومة والتنظيم، انتهت بتوقيع اتفاقية جيبوتي في ديسمبر/كانون الأول 2017، التي تنص على ضرورة إشراك الجماعة في إدارة وحكم غلمدغ.

ـ آنذاك وقّعت الحكومة اتفاقية جديدة مع التنظيم برعاية جيبوتي، أصبح بموجبها، التنظيم شريكًا في ولاية غلمدغ المحلية، إلا أن الاتفاقية لم تدم طويلا، حيث دب الخلاف مرة أخرى بين الجانبين حول تقاسم الإدارة.

ـ خلال السنوات الأخيرة، شكّل التنظيم رقما صعبا وسط الصومال، وحاولت الحكومات المتعاقبة استمالته، وكانت المحاولة الأنجع ما قامت به حكومة حسن علي خيري (2017-2020)، حيث قبل التنظيم بالمشاركة السياسية في غلمدغ عام 2018، بعد تسوية أعطت زعيمه منصب رئيس الحكومة المحلية فيها.

ـ في بداية النصف الثاني من عام 2019، نجحت الحكومة مرة أخرى في دمج مسلحي التنظيم في الجيش، الأمر الذي ساعد ولاية غلمدغ المحلية في بسط سيطرتها على المناطق التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم.

ـ يبدو أن عملية دمج مسلحي التنظيم في الجيش، ساعدت مرة أخرى في انحسار نفوذ الجماعة، الأمر الذي دفعها لمحاولة معاودة استعادة النفوذ.

ـ تخلى التنظيم عن توافقاته السابقة مع الحكومة، وسعى في سبتمبر/أيلول الماضي إلى استعادة النفوذ بمدينة جرعيل في إقليم جلجدود، إلا أن ولاية غلمدغ المحلية رفضت الأمر.

ـ حسب دراسة أعدها مركز مقديشو للدراسات السياسية والإستراتيجية في 2019، فإن عدد عناصر تنظيم أهل السنة والجماعة يقارب 3 آلاف عنصر مسلح.

المصدر : وكالة الأناضول
Written by admin
×