سبتمبر 12, 2024

د. عمر الفاروق شيخ عبدالعزيز: فوز الرئيس سعيد دني لرئاسة بونتلاند للمرة الثانية على التوالي (عوامل النجاح والنتائج المحتملة)

مقدمة:

في انتخابات قوية فاز الرئيس سعيد عبدالله دني كرسي الرئاسة في ولاية بونتلاند للمرة الثانية على التوالي.

بأتي هذا الفوز بعد منافسة قوية في الانتخابات الرئاسية حيث حصل في الجولة الأولى 35 صوتا، في حين حصل المرشح جوليد صالح 9 اصوات، وحصل المرشح هروسي ب 8 اصوات.

وفي الجولة الثانية حصل دني 40 صوتا، وحصل جوليد 17، في حين حصل هروسي 9 اصوات، وبذلك فإن المرشحين الأول والثاني يتنافسون في الجولة الأخيرة.

وفي الجولة الثالثة الأخيرة تنافس الرئيس دني مع  المرشح جوليد حيث فاز الرئيس الحالي المنتهية ولايته رئيسا جديدا للمرة الثانية على التوالي في رئاسية بونتلاند باصوات بلغت 42 صوتا.

وبدلك فإن سعيد عبدالله دني سيكون رئيس ولاية بونتلاند لفترة 2024-2029م.

تشير بعض المعلومات إلى أن هناك بعض الدول التي تدخلت في مسار الانتخابات بولاية بونتلاند

ومن جانب آخر فإن الحكومة الفيدرالية الصومالية تدخلت في شؤون الانتخابات ببونتلاند لتأثير مسارها وتغيير سعيد دني – الرئيس السابق والحالي – كما تشير بعض المعلومات. وقد أيدت الدولة الصومالية بعض المرشحين في رئاسة بونتلاند، بيد أن سعيد المؤيد من قبل الإمارات العربية المتحدة قد انقذ نفسه من كل المحاولات لإحباط عودته لرئاسة بونتلاند.

وقد تم عقد حفلة التنصيب للرئيس سعيد دني في 25 يناير 2024م، والتي شارك فيها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورؤساء الولايات الاقليمية غير احمد مدوبي، رئيس جوبالاند، ومسؤولين من الحكومة والمعارضة، وبرلمانيين من الفيدرالية ومن بونتلاند. كما شارك هذه الحفلة ممثلون من البول المجاورة، خاصة كينيا، جيبوتي وإثيوبيا.

عوامل النجاح والفوز :

1. كون الرجل أقوى المرشحين: 

ومن الطبيعي أن يكون المتربع بكرسي الرئاسة في الصومال. الأقوى في الساحة السياسية   

2. إنجازاته في الفترة الرئاسية الماضية: 

هذه الانجازات مكنته  الفوز للرئاسة للمرة الثانية، وأن هناك كثير من الإنجازات الملموسة التي حققت بونتلاند في فترة رئاسة دني الأولى.

3. طموح الشعب لاكمال الانتخابات المباشرة: 

وقد حققت الانتخابات المحلية المباشرة التي قام بها دني في محافظات بونتلاند والتي منحت له التأييد الشعبي واعطته فرصة إقناع النواب لإنتخابه مرة ثانية ليتمكن من اكمال الانتخابات المباشرة على المستويين البرلماني والرئاسي في الانتخابات المقبلة.  

4. رغبة الشعب الانتقال من النظام القبلي الدوري: 

كانت الانتخابات في بونتلاند كغيرها من الانتخابات في الاقاليم الصومالية تجري بمحاصصة النظام القبلي. وفي بونتلاند كان النظام القبلي يمارس بنظام دوري بين ثلاثة قبائل تقطن في مدن قرطو، وجروي وجالجعيو. أما بقية القبائل الأخرى في المنطقة فلم يكن لهم الحق لمنصب الرئاسة، كما أن أي رئيس منتخب لفترة معينة لا يمكن أن يعود في الرئاسة اكثر من مرة. هذه العقد الاجتماعية والسياسية ذهبت مع أدراج الرياح وفي مهب الريح.

5. كره الشعب بمجموعة آرن جان AARAN JAAN:

وهذه المجموعة هي التي مكنت سعيد دني الفوز في الانتخابات السابقة بفترته الأولى، وفوز رؤساء سابقين، وكان لها تأثير قوي في الساحة السياسية في العشر سنوات الماضية. لذلك فالشعب دائما يشتاق إلى التغيير.

6. كون الرجل تاجرا لفترة طويلة:

حتي قبل دخوله في معترك السياسية، كان لديك سعيد دني شركات عملاقة مكنته من إقناع السياسيين والنواب بالمال السياسي.

7. الدعم المالي الإماراتي الدائم:

حيث أن الرئيس سعيد دني حليف استراتيجي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وحتي عند ما ترشح لمنصب الرئاسة لجمهورية الصومال الفيدرالية في مايو 2023م. -رغم عدم فوزه- كانت هذه الدولة تدعمه ماليا ولوجستيا.

وهذا الدعم والسند مكنه بالفوز في رئاسة بونتلاند للمرة الثانية على التوالي. ويعتبر هذه نادرة في تاريخ السياسية الصومالية حيث لم يحدث على المستوين الإتحادي والإقليمي في الصومال قبل هذه الفترة لسعيد دني أن يفوز رئيس بولاية ثانية على التوالي.

 التداعيات والتأثيرات المحتملة:

1. العلاقات المتوترة مع الحكومة الفيدرالية ستستمر كما هي في السنوات المقبلة:

حيث أن مطالب بونتلاند مطالب سياسية ودستورية وفيدرالية، ومن المستحيل أن تقبل الحكومة الإتحادية هذه الصغوط، ما ينبؤ استمرار العلاقات المتوترة بين الجانبين.

2. إرغام الدولة الفيدرالية بمطالب بونتلاند:

ومن المحتمل أن تفرض بونتلاند مطالبها على الحكومة الفيدرالية، وتتصالح على اثر ذلك بفترة محددة إذا ما قبلت كل رغباتها السياسية والاقتصادية  

3. عرقلة مشروع الرئيس حسن شيخ لتغيير الدستور:

ومما ينتج عن فوز سعيد ديني أن تعرقل بونتلاند ومعها المعارضة السياسية مشروع الرئيس حسن شيخ محمود المتعلق بتغيير الدستور، إذ لا يمكن استمرار اجراءات تغيير الدستور كما كان يجري في العام المنصرع وبغياب بونتلاند.

4. تأثير انتخابات الاقاليم الصومالية:  

إن فوز سعيد دني بمثابة نظام سياسي وتاريخ سياسي جديد في الصومال، ولم تحدث سابقا فوز رئيس صومالي على المستوى الفيدرالي والاقليمي لمرة اخرى على التوالي. وهذه الطريقة يمكن أن تسري في بعض الأقاليم الاخرى التي ستجرى فيها الإنتخابات الرئاسية كولاية جنوب غرب الصومال و ولاية جلمدغ و ولاية جوبالاند أواخر هذا العام.

5. تأثير رؤية الانتخابات الفيدرالية 2026م:

ومن البديهي أن يؤثر حتما عودوة سعيد دني في رئاسة بونتلاند لمرة ثانية مسار الانتخابات البرلمانية والنيابية القادمة في الصومال في عام 2026م، وربما سيسبب خسارة الرئيس الصومالي الحالي حسن شيخ محمود، إذا ترشخ في الانتخابات القادمة على الطريقة التي خسر دني بالرئيس فرماجو، والذي لم يفز في الإنتخابات الرئاسية الصومالية الأخيرة في مايو عام 2022م

6. سحق السياسيين المنافسين في الداخل:

وبفوز دني سيحاول سحق السياسيين المعارضين والمنافسين معه في الساحة السياسية، وبالأخص الذين نافسو معه في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة في بونتلاند ليخلو له الجو.

7. اكمال الانتخابات الحرة المباشرة:

ومما اعلن الرئيس دني أنه إذا تم انتخابه لرئاسة بونتلاند فإنه سيكمل مسيرة الانتخابات المباشرة في بونتلاند. وهذا ما يراه المحللون أنه سيحقق هذه الأمنية الشعبية لبونتلاند.

8. اعتراف مباشر لنظام (أس أس سي خاتمو):

في حكم رئاسته السابقة بذل سعيد دني قصارى جهده في تأييد ثورة أس أس سي خاتمو ضد نظام صوماليلاند، والتي سحبت قوات أرض الصومال أخيرا من هذه المناطق وشكلت نظاما إداريا خاصا اعترفت به الدولة الصومالية. وكباحث فإنني أرى أنه سيعترف هذا النظام لتحصل القبيلة التي ينتمي إليها نظاما فيدراليا جديدا ضمن الأنظمة الولائية الفيدرالية في الصومال.

9. المساومة على رأس رئيس الوزراء حمزة عبدي بري:

ومن المتوقع أن رئيس سعيد دني سيطلب من الرئيس حسن شيخ محمود بتغيير رئيس الوزراء الصومالي الحالي حمزة عبدي بري برئيس وزراء من منطقة بونتلاند، إذا ما أراد أن يتصالح معه. وهذه المساومة إن حدثت ستكون خسارة لصالح رئيس الوزراء الحالي.

10. ضغوط على احمد مدوبي للتخلص منه:

يتذكر الجميع أن الرئيس سعيد دني في فترة رئاسته السابقة في مدة حكم الرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو، قد ساعد كثيرا في إنقاذه وانقاذ نظامه.

إلان أنه عندما فاز الرئيس حسن شيخ في رئاسة الصومال في مايو 2022م، وأراد سعيد دني أن يحظى بمنصب رئيس الوزراء، لم يؤيد احمد مدوبي- رئيس ولاية جوبالاند هذه الرؤية، بل تشير المعلومات المؤكدة أن مدوبي أيد بالخفاء تعيين السيد حمزة عبدي بري رئيسا للوزراء بدلا من دني، مادام أن حمزة ينحدر من نفس قبيلة مدوبي، وأن هذه القبيلة لم تتقلد هذا المنصب سابقا، مما أثار حفيظة سعيد دني، وأدى ذلك إلى توتر العلاقات بينهما حتي الأن، والتي أدت إلى عدم مشاركة مدوبي في حفل تنصيب سعيد دني رئيسا لبونتلاند لفترته الرئاسية الثانية. ومن المحتمل أن دني سيعمل في فترة رئاسته الحالية ما في وسعه للتخلص من احمد مدوبي، وسيؤيد الثورة السياسية في اقليم جدو التابعة لولاية جوبالاند، والسياسيين المعارضين لسياسة احمد مدربي.

11. تأثير رؤساء الولايات الاقليمية لمعارضة الدولة الفيدرالية: 

والحقيقة أن العلاقة بين الحكومة الإتحادية والحكومات الولائية ليست جيدة، بل هي علاقة مجاملة، ومن الطبيعي إجراء الإنتخابات الموحدة في جميع مناطق الصومال فيدراليا و ولائيا في نوفمبر أواخر هذا العام 2024م، وبالتحديد في الفترة المحددة لاجراء الإنتخابات الموحدة كما إتفق المجلس الإستشاري الصومالي.

ومن المحتمل أن رؤساء الولايات الاقليمية سيثورون ضد الرئيس حسن شيخ، وسيعلنون أنه تم انتخابهم لرئاسة ولاياتهم للمرة الثانية على التوالي على غرار الرئاسة الثانية لدني في بونتلاند. وسيقوم سعيد دني بتأييدهم وتأثيرهم، وربما لإعلانهم تحالفات سياسية ضد الحكومة الصومالية الفيدرالية، والتي من الممكن أن يؤدى هذا التحالف الجديد إلى التخلص من الرئيس الصومالي الحالي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

12. سعيد دني سيترشح لرئاسة الصومال في عام 2026م:

وفي عام 2026م، وفي الانتخابات الرئاسية فمن البديهي أن الرئيس سعيد عبدالله دني سيترشح لرئاسة الصومال للمرة الثالثة، حيث ترشح لهذا المنصب في عام 2012م، وعام 2017م.، وإذا لم يفز في هذه الانتخابات، فسيكون أمامه عامان في فترة حكمه في بونتلان. ومن المؤكد والمفروغ عنه أنه سيترشح في رئاسة الصومال للمرة الثالثة لعام 2026م.

والجدير بالذكر أن إعلان سعيد دني في حفل التنصيب بأن بونتلاند ستعقد مؤتمراً جامعا للوحدة الصومالية يثير الشكوك من مغزاها وأهدافها. غير أن كثيرا من المحللين والسياسيين يحللون هذا الإعلان بأن سعيد دني يريد أن يؤسس تحالفا سياسيا معارضا ضد الرئيس حسن شيخ محمود وضد الحكومة الصومالية وضد مشروع تغيير الدستور الصومالي من قبل البرلمان الصومالي والرئاسة الصومالية وحكومتها.

وسنرى ماذا سيتحقق من هذه الفرضيات وهذه الاحتمالات الناتجة عن انتخاب سعيد عبدالله دني رئيسا لبونتلاند للمرة الثانية على التوالي.

Written by admin
×