افتتح اليوم الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥م في مقديشو العاصمة أعمال مؤتمر المعارضة السياسية الصومالية ضد رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية الدكتور/ حسن شيخ محمود وحكومته.
ويشارك هذا المؤتمر الحاشد أهم الشخصيات المعارضة المكونة من رئيس جمهورية سابق، ورؤساء وزراء، وناطقين لمجلس الشعب للبرلمان الصومالي، بالإضافة إلى برلمانيين حاليين وسابقين ومسؤولين تقلدوا مناصب سياسية وإدارية بفترات مختلفة في البلد.
وسيستمر هذا المؤتمر الذي يقوده الرئيس الصومالي الأسبق الشيخ شريف شيخ احمد لمدة ثلاثة أيام حسب ما صرحه المنظمون، ومن المتوقع اصدار بيان ختامي في نهاية أعماله.
التوقيت:
يتزامن مؤتمر المعارضة السياسية في مقديشو، بعد انتهاء ثلاث سنوات ونيف من الفترة الدستورية الرسمية للحكومة الصومالية ، حيث يبقى من هذه الفترة أقل من سنة.
كما يأتي هذا المؤتمر في وقت حرج وحساس يمر به الصومال في الأونة الأخيرة، إذ يوجد هناك خلافات سياسية حادة بين الحكومة الصومالية وبين ولاية بونتلاند وجوبالاند من جهة، وبينها وبين أهم الشخصيات السياسية المعارضة من جانب آخر.
المغزى والدلالات:
هناك دلالات ودواعي أدت إلى انعقاد هذا المؤتمر السياسي في الوقت الراهن، والتي تتمثل فيما يلي:
١- الخلاف السياسي الحاد بين الرئيس الصومالي وحكومته وبين المعارضة السياسية في الصومال:
بعد إنتخاب الرئيس حسن شيخ محمود لرئاسة الصومال في 15 مايو 2024م، ظهر للعلن خلافات سياسية بين الرئيس والمعارضة السياسية الحالية، ويعلم الجميع أن أهم الشخصيات المعارضة الحالية والرئيس الصومالي الحالي كانوا في خندق واحد لمواجهة الرئيس الصومالي السابق السبد/ محمد عبدالله فرماجو، إلا أن الرئيس حسن شيخ محمود اختفى عن الأنظار تماما، ولم يتعامل مع اصدقاء الأمس المعارضين، مما خلق فرقة كبيرة بين الجانبين.
٢- المعارضة السياسية عارضت بشدة سابقا مشروع التعديل الدستوري من قبل الرئيس الصومالي وحكومته، ومحاولة تغيير النظام السياسي الصومالي من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
٣- المعارضة السياسية تعارض أيضا تعيين الحكومة الحالية؛ اللجنة الانتخابية، وتمرير البرلمان الصومالي بمجلسيه قانون الإنتخابات وقانون الأحزاب، وقانون لجنة الانتخابات، كما تعارض المعارضة السياسية اجراء إنتخابات غير متفقة حولها، والانتخابات المباشرة للشخص الواحد والصوت الواحد.
٤- المعارضة السياسية تؤكد بشدة ضرورة اجراء الانتخابات الولائية في جميع الولايات المنتهية لفترة ولايتها الدستورية، وبالأخص ولاية جنوب غرب الصومال، و ولاية حلمدغ و ولاية هيرشبيلي لحصول قيادتها فترة دستورية جديدة.
٥- ترفض المعارضة السياسية المؤتمرة في مقديشو غياب ولايتي بونتلاند وجوبالاند من جلسات المجلس التشاوري الصومالي السابق، ويؤكدون ضرورة اشراك قيادات هاتين الولايتين في الجلسات السياسية والدستورية والانتخابية الصومالية، ويؤمنون بأن دونهم لا يمكن إقرار قرارات سياسية مصيرية في البلد.
٦- المعارضة السياسية تندد تنديدا شديدا التخلص عن المجلس التشاوري الصومالي الذي انتقل من مجلس وطني صومالي إلى حزب للعدالة والوحدة JSP الذي يترأسه رئيس الجمهورية الدكتور حسن شيخ محمود.
٧- تشكيل تحالف سياسي معارض ضد الحكومة الحالية:
ومن دلالات مؤتمر مقديشو المعارض تشكيل تحالف سياسي معارض ضد الرئيس الصومالي الحالي وضد الحكومة الصومالية الحالية، مادام أن الفترة الدستورية للنظام الصومالي لم يبق منه إلا احدى عشر شهرا وعدة أيام.
المآلات والنتائج:
هناك نتائج محتملة لمؤتمر المعارضة السياسية في مقديشو، وأهم هذه النتائج:
١- ستقترح المعارضة السياسية في مؤتمر مقديشو إلغاء التعديل الدستوري بمواده الأربعة المقدم من قبل الرئاسة الصومالية والحكومة الصومالية المصدق من قبل مجلسي البرلمان الصومالي.
٢- كما ستؤكد إلغاء قوانين الانتخابات والأحزاب واللجنة الانتخابية المصدقة من قبل البرلمان الصومالي.
٣- وسيشدد مؤتمر المعارضة السياسي ضرورة التوافق حول نوع وآلية الانتخابات المحلية والولائية والفيدرالية.
٤- المعارضة السياسية ستتطرق إلى أهمية اجراء الانتخابات الولائية في ولايات جنوب غرب الصومال، وجلمدغ وهيرشبيلي المنتهية فترة ولايتها الدستورية.
٥- وأن المعارضة السياسية ستلوح وجوب عودة جوبالاند وبونتلاند إلى حظيرة الجلسات التشاورية الصومالية.
٦- وسيندد مؤتمر المعارضة السياسي انضمام الرئيس الصومالي وحكومته وبعض رؤساء الولايات لحزب سياسي لا يمثل الجمع الصومالي والوحدة الصومالية، ولا الرؤية الوطنية الصومالية.
٧- وسترسل المعارضة السياسية رسالة قوية للمجتمع الدولي لارجاع النظام الحالى لمائدة المفاوضات والتشاورات السياسية مع كافة الأطراف في البلد.
٨- وسيبعث المؤتمر السياسي الجاري للمعارضة السياسية رسالة دعم قوية للقوات المسلحة، ويوصي الحكومة الصومالية وضع استراتيجية أمنية شاملة لتحرير البلد من الحركات الارهابية.
٩- وسيتم إعلان تشكيل تحالف سياسي معارض ضد الحكومة الصومالية لاجل ممارسة الضغط السياسي عليها.
تحفظات ومخاوف الحكومة الفيدرالية من مؤتمر المعارضة السياسية:
هناك تحفظات جذرية ومخاوف حقيقية للحكومة الصومالية من مؤتمر المعارضة، وأهم هذه التحفظات:
١- اعلان المؤتمر من قبل المعارضين السياسيين للرئيس الصومالي وحكومته.
٢- إنعقاد المؤتمر المعارض في عقر دار الحكومة الصومالية ومقرها الرئيسي وعاصمة البلد.
٣- وأن مجريات أجندة المؤتمر وبيانه الختامي المرتقب خارج سيطرة إدارة الحكومة الصومالية.
٤- الزخم الإعلامي الكبير للمؤتمر، والتأثير القوي للشعب الصومالي محل خوف وقلق شديدين في داخل النظام الحالي.
٥- الخوف من تأثر المجتمع الدولي نتائج المؤتمر ، حيث أن المجتمع الدولي له تأثير قوي في دعم الصومال سياسيا وماديا.
٦- الخوف من تشكل تحالف سياسي معارض قوي ضد الرئيس الصومالي والحكومة الصومالية، وضد برنامج التعديل الدستوري، وضد تنفيذ نظام الانتخاب المباشر في البلد.
إمكانية قبول الرئيس الصومالي وحكومته نتائج قرارات مؤتمر المعارضة السياسية:
هناك إمكانية كبيرة لعدم قبول الرئيس الصومالي لقرارات النتائج المحتملة من مؤتمر المعارضة السياسية المنعقد في مقديشو هذه الأيام، وذلك للأسباب الآتية:
١- لا يمكن أن يقبل الرئيس وتقبل حكومته من العدول عن الانتخابات المباشرة في البلد. والعودة للانتخابات غير المباشرة.
٢- ولا يمكن أن يقبل إعفاء اللجنة الانتخابية المركزية من صلاحيتها.
٣- كما لا يمكن التخلي عن المواد الدستورية المعدلة المصدقة من مجلسي البرلمان الصومالي.
٤- وأنه من الصعب قبول الرئيس نتائج انتخابات جوبالاند التي نتجت عن انتخاب احمد مدوبي رئيسا لها في نوفمبر الماضي من عام ٢٠٢٤م.
٥- وكذلك لا يمكن للرئيس قبول جميع رغبات بونتلاند التي تعارض كل حكومة لا تترأسها.
المستقبل المجهول:
في حال رفض رئيس الجمهورية الصومالية وحكومته جميع قرارات البيان الختامي المرتقب من مؤتمر المعارضة السياسية المنعقد في مقديشو في الفترة ما بين ٢٨-٣٠ مايو ٢٠٢٥م، واصرار المعارضة السياسية رفض النهج الحكومي المتعلق في برناج الانتخابات والتعديل الدستوري، فإن الصومال سيكون في نفق مظلم، ومستقبل مجهول، وستكون الفترة المتبقية من عمر الحكومة الحالية فترة شدّ وجذب، وفترة احتقان سياسي، مما سيؤدي في آخر المطاف وعند انتهاء الفترة الدستورية إلي مواجهات دموية، وتأسيس قوات إنقاذ وطنية بثوبها الجديد (٢) على غرار قوات الإنقاذ الوطني (بدبادو قرن١) لا قدر الله. وهذا ما لا يحمد عقباه، وربما ستكون هناك تدخلات اجنبية من قبل المجتمع الدولي، وعقد مؤتمر صومالي جامع للمصالحة والوحدة الوطنية لإنقاذ نظام الدولة في الصومال.
ومادام أن الرئيس الصومالي الحالي له خبرة سياسية كافية في البلد، وهو أول رئيس صومالي يفوز في الرئاسة لفترتين، وعاش معظم عمره في داخل الصومال، ويعرف الصومال والصوماليين عن كثب؛ فإن الجميع يتمنى أن يعود الصواب للقادة، ويتم بدء التشاور والحوار بين الحكومة والمعارضة، ويحتكم الجميع للعقلانية والوطنية، ويغلب الجميع المصلحة العامة عن المصالح الشخصية.
رابط المقال في الفيسبوك
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=122199962552092901&id=61552787030282
_____________
المؤتمر السياسي للمعارضة الصومالية في مقديشو (التوقيت والمغزى، الدلالات والمآلات، المخاوف والمستقبل المجهول)
د. عمر الفاروق شيخ عبدالعزيز
٢٩ مايو ٢٠٢٥م
